المال مصطلح واسع له ظلال من المعاني والدلالات ،ولكني في مقالي هذا سأتحدث عن نوع من أنواع المال وهو العملة، باعتبارها وسيلة لا غنى عنها في أي من دول العالم ،والعملة تتميز بالخصوصيات الوطنية مثل صور القادة التاريخيين كتعبير عن الاعتزاز بالماضي والحاضر وأيضاً بالعملة شعارات الدولة وتراثها ،و العملات الوطنية عموماً صارت جزءاً من ممارسات السيادة وأضحت شيئاً طبيعياً ومالاً متداولاً وإن لم يستوعبه الناس حتى يومنا هذا. ولتوضيح جزئية نشوء العملات وصِلتها بمفهوم المال أرغب مشاركة القارئ بإحدى القصص التي يتداولها أهل الاقتصاد وهي قصة وردت في إنجيل ماثيو الفقرة 22، فقد سئل المسيح عليه السلام ان كان جائزاً دفع الضراب الى الإمبراطور سيزر فطلب المسيح أن يرى الشيء الذي يستخدم لدفع الضرائب فأعطوه معدن «قرش» يسمى ديناريس وتأمله المَسِيح وقلب القرش بطناً على ظهر ثم سأل: الصور لمن والشعار لمن؟ فأتي الرد إنه لسيزر فكان جواب المسيح عليه السلام ردوا لسيزر ما هو ملك لسيزر. والشاهد إن ما يعرفه ويعيه أي طالب اقتصاد كلي في سنواته الدراسية الاولى بأن العملة التي عليها شعارات الدول وصور القادة هي ملك الدولة ولكن قلما توقف عندها الناس بل والكتاب وحينما تكون في جيبك فهي بأمر وقانون الدولة، لأنها تصدرها وتطبع كمياتها وترفع أو تخفض الطلب عليها فهي تحت سيطرة الدولة كلياً، ومن هذا المنطلق فاذا تفكرنا بالعملة على أنها أيضاً أرقام على شاشة الكمبيوترات التي في البنك ولهذا نسميها «حلالي في حسابي « لكنها في الواقع هي ملك الدولة والسؤال الذي يطرح نفسه كيف إذن أعرف كُنه وطبيعة هذه الأرقام، وكيف أصف أو أفرق بينها وبين ما هو في محفظتي من أوراق ومعدن مصكوك عليه شعار الدول وصور قادة الدولة، أي دولة.. لا عجب أن العلوم الاقتصادية تصنف العملة كوحدة قياس مثلها مثل الكيلومترات والكيلوجرامات فهي تقيس احتساب المعاملات البينية والتبادلات التجارية داخل الاقتصاد، انها أيضاً أداة تستخدمها الدول لنقل أصول حقيقة من القطاع الخاص المنتج الى القطاع العام، فنحن نعلم أن الدول ترغب في أيدٍ عاملة، وفي تكوين جيش، شرطة، وبنية تحتية ومبانٍ، وأجهزة كومبيوتر، وكل ما ترغب فيه، وهذا يقود لسؤال آخر كيف تأخذ الدولة ما ترغب فيه من القطاع الخاص المنتج الحقيقي؟.. يا عزيزي القارئ إن العملة أداة الدول لهذه المهمة ولكن بدونها تسود الفوضى الاقتصادية ولن يتوفر أمن ولا أمان فهذه الآلية المالية تنظم الشراكة بين المواطن والحكومة المركزية لتنعكس في التنمية ومعداتها في الاقتصاد المعني ،هذا الاستنتاج يقود لتسليط الضوء على أهمية الضرائب في الاقتصاد الحديث فهي تلعب أدواراً عديدة وقراء عمودي المتواضع هذا من خلال المتابعة يعرفون موقفي الفكري منها فقد اعتبرتها دائماً بأنها ليست مصدراً للدخل لأنها في الأصل تُحصَّل بعملة هي مُلك للدولة وأكرر القول بأن الضرائب حينما تُفرض فإنها تستهدف تفعيل سياسات عامة لتصويب خلل اقتصادي أو لمنع هدر أصول يحتاجها الاقتصاد للنمو، أو لتقليص العجز، ورفع الإنتاجية، وقد تستهدف توجيه الاقتصاد من وضع غير مرغوب فيه إلى وضع أفضل يحفز القطاعات الاقتصادية ايجاباً للدفع نحو التنمية المستدامة فهي ليست دخلاً ولكنها ضمن معادلة المال والعملة تلعب دوراً وظيفياً لا يمكن الاستغناء عنه في أي اقتصاد حديث.