نظام طهران يسعى إلى جر الدين لخدمة سياسته، وتعوَّد أن يلبس كل شيء يُقال أو يعمل ليس بلباس ديني فحسب، بل حرص على أن يكون طائفيًا أيضًا.. فهو سعى في اليمن، مثلًا، إلى تبنِّي حركة الحوثيين بقيادتها الطائفية لتكون واجهته في هيمنته على البلاد، وفي لبنان كان قد أقام حسن نصر الله «السيد» وليًا لأمر الشيعة فيه.. أما في العراق فإن الشيعة العراقيين الموالي منهم لإيران، والعروبي فيهم الذي يرفض ذلك، فإنهم أدخلوا في نزاعات دموية فيما بينهم، تحت مظلة الحرس الثوري الإيراني، بينما يلتفتون أحيانًا إلى محاربة العراقيين السنة.. مع ضمان تحقيق السياسات والمصالح الإيرانية في البلاد. تسييس الحج، وتحويله إلى موقعة صراع وفوضى، كان دائمًا هدف الملالي، حكام طهران، بزعامة الخوميني سابقًا، وخامنئي حاليًا.. إذ إنهم ينظرون إليه كمنبر سياسي، وليس شعيرة دينية، ويطمحون في كسب دعم سياسي وطائفي لهم ولنظامهم. وهم يُصعِّدون حملاتهم هذه الأيام ضد المملكة تعبيرًا عن ضيقهم نتيجة لرفض السعودية إتاحة الفرصة لمظاهراتهم وأعمالهم التخريبية وحماية لأنفس مواطنيهم التي تسقط عندما يتداخل العمل الاستخباراتي والأمني الخاص بهم في حركة الحجاح، وما يقومون به في الأراضي المقدسة، حتى وإن تعارض مع الإجراءات التنظيمية والأمنية السعودية.. إنهم يُحاربون في معركةٍ مفضوحة يستخدمونها لتبرير منعهم مواطنيهم من الحج. مشكلة دول الخليج مع إيران أن الأخيرة تعمل تحت مظلّة رعاية أمريكية المكشوف منها قليل والمخفي عظيم، وبالرغم عن ادعاء أمريكا أنها صديقة لأهل الخليج وليس لحكام إيران، إلا أن النظام الإيراني الحالي جاء نتيجة لرغبة أمريكية فيه، وذلك خلال فترة حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وباركته السياسة الأمريكية كنظام ملالي، اعتقادًا منها أن ذلك سيؤدي إلى تمرُّد المسلمين في جمهوريات الاتحاد السوفيتي المحاذية حدودهم لإيران على حكامهم الشيوعيين. ثم استخدم الأمريكيون ملالي إيران في احتلالهم لأفغانستان، وغزوتهم للعراق، وتغيير تركيبته الاجتماعية والسياسية والمذهبية، وشمل ذلك استخدام إيران لحزب الله وحسن نصرالله لتنفيذ سيطرتها على لبنان، وجذب عواطف بعض العرب عبر استخدام القضية الفلسطينية في دعاياتها، ومهرجاناتها السياسية، وهكذا كان الحال في التدخل الإيراني بسوريا والبحرين واليمن والصومال والسودان وليبيا ومصر وغزة وغيرها.. وكان الملالي طوال هذا الوقت يخدمون أجندات أمريكية مقابل مكافآتهم بعدم مضايقتهم في سعيهم البقاء على رأس السلطة بإيران. وتوّجت إدارة أوباما علاقتها بالملالي عندما أقنعت الدول الغربية (مع موسكو وبكين) التوقيع على الاتفاقية النووية المشهورة، مما أتاح لها مكافأة الإيرانيين بملايين الدولارات التي تصل إليهم هذه الأيام، مع الإبقاء على برنامجها النووي تحسُّبًا لمستقبل الأيام. إيران ليست صديقة للعرب، وأمريكا ليست أمينة على مصالحها معهم نظرًا لتقلُّص أو انتهاء فعالية هذه المصالح، ونحن، العرب جميعًا خليجًا وغيره، ندخل مرحلة جديدة يسعى الأمريكيون خلالها إلى تحقيق تغييرات جدية لا في البنية السياسية لبلادنا فحسب، بل في مجتمعاتنا وقناعاتنا وحياتنا.. وملالي إيران لهم دور في هذه المرحلة.. وعلينا أن نتحرَّك لوقف أو تقليص مخاطر الانهيار القادم كجماعة عربية واحدة لا جماعات. [email protected]