نوه عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بالفضل العظيم الذي يحمله شهر رمضان المبارك للمسلمين، عند الاستفادة من أيامه ولياليه المباركة، واستغلالها بالعبادة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعات. وذكّر فضيلته المسلمين في خطبة الجمعة اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض بأن شهر رمضان شهر الخيرات والرحمات الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، لذا فإن على العبد الحرص والمداومة على عمل الطاعات، ليكون بإذن الله من المقبولين الفائزين المقربين عند خالقه، مشيراً إلى وجوب صيام هذا الشهر كما جاء في قول الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) . وقال الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ "لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على قراءة القرآن في كل وقت، ويزيد في شهر رمضان، وكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في كل رمضان، وراجعه مرتين في السنة التي توفي فيها الرسول صلى الله عليه وسلم"، مذكّراً ببعض العبادات خلال شهر رمضان المبارك وفضلها العظيم، مثل صلاة التروايح وصلاة القيام التي يصطف فيها المسلمون خلف أئمة المساجد راجين من ربهم قبول صيامهم وقيامهم وعبادتهم، ويسألونه سبحانه جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. وأكد أنه شهر رمضان شهر الجود والإحسان، شهر يواسى فيه الفقراء والمحتاجون، فهذا كان ديدن رسول الله عليه الصلاة والسلام خلال شهر رمضان ، كما قال ابن عباس رضى الله عنهما: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل)، ذالكم بأن الله يجود علينا بشهر رمضان بالرحمة والمغفرة، فمن جاد على الناس جاد الله عليه، حاثاً المسلمين بأن يزكوا انفسهم في هذا الشهر الفضيل من الذنوب والمعاصي بالأعمال الصالحة، ومحذراً إياهم من كل سبب يمكن أن ينقص من ثواب صيامهم أو يحبطه، مشدداً على ضرورة الحذر كل الحذر من البدع لأن الله لا يقبل عمل لم يشرعه، يقول صلى الله عليه وسلم (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ)، لاسيما وأن الله عز وجل قريب مجيب لعباده، متى ما تمسكوا بشرعه دون إفراط ولا تفريط، قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (( وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليسجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)). وقال فضيلته : "أيها المؤمنون أكثروا من الدعاء في الأسحار، ففيها نفحات ربانية عظيمة ودعوات مستجابة، فاغتنموها، وهو الحال عند الإفطار فالدعوة لا ترد - بإذنه جل وعلا -، فأنيبوا إلى ربكم وارجعوا له فان الله سبحانه وتعالى يناديكم إلى جناته، بقوله عز وجل في كتابه العزيز (والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى سراط مستقيم ))"، داعياً المسلمين إلى المحافظة على الصلاوات الخمس، الحرص على أداء صلاة التراوح، والوتر، والقيام مع الإمام، وعلى إطعام الصائمين لأن لذلك أجر عظيم. وألمح إلى أصناف من الناس عند قدوم الشهر الفضيل، فمنهم المسلم العاقل البالغ المقيم الصحيح، وهو من يجب عليه الصيام لقول الله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))، ومنهم من يدخل عليه شهر رمضان وهو عاجز عن صيامه إمّا لمرض مزمن أو لكِبَرٍ، فذاك لايصوم .. بل يطعم عن كل يوم من أيام رمضان مسكيناً، سواءً أطعم كل يوم بيومه أو جمعها لآخر الشهر، وصنف آخر يدخل عليه الشهر وقد ألم به مرض عارض، وشق عليه الصوم بسببه، فله الفطر، وإذا عافاه الله صام يوماً مكان اليوم الذي أفطر فيه، وآخر أصناف الناس خلال شهر رمضان المبارك ذلك الذي فقد عقله لهذيان أو لخرف، فلا صوم عليه ولاكفارة، لأنه أشبه بالصبي غير المميز. وحذر فضيلته في ختام خطبته المسلمين من الإسراف والتبذير، فذاك مذهب للنعم محل للنقم، قال تعالى: ((وآتِ ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولاتبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً))، مشدّدا في تحذيره على الباعة في الأسواق، من رفع الأسعار والتلاعب بها، أو تسويق السلع المغشوشة والأطعمة الفاسدة، وقال " فذلك مال حرام، والمال الحرام وبال على صاحبه نار على آخذه "، وطالبهم بتقوى الله في بيعهم وشرائهم، وتجنب استغلال الناس وحاجتهم في هذا الشهر الفضيل، أو في أي شهرٍ غيره .