كانت وستظل الصحراء هي العالم المجهول للدارسين الغربيين، فالكثير من الجامعات العريقة والمعاهد المتخصصة بالانثربولوجيا، وأجهزة الاستخبارات حرصت منذ عدة قرون إلى تسيير الرحلات الاستكشافيَّة في إلى الجزيرة العربيَّة للبحث والدراسة، و دوَّن لنا المستشرقون العادات، والتقاليد، وثقافة الصحراء التي تكاد أن تندثر اليوم، ومن بينها الشعر الذي كان قاسمًا مشتركًا في كلِّ شيء، فالشعر هو وقود الحرب، وهو السلاح أيضًا في حياة ابن الصحراء، وهو كتاب التاريخ الذي يدوِّن الوقائع بكل تفاصيلها، وينتجها على شكل قصيدة يتناقلها الرواة في المجالس، ويشدو بها الرعاة وهم يتسامرون بعد عناء رحلة طويلة تجوب بهم عشرات الكيلومترات للبحث عن الماء والكلأ. د. مارسيل كوربرشوك دبلوماسي هولندي، عمل في سفارة بلاده في السعوديَّة في أواخرالثمانينيات الميلاديَّة، ولكنَّه على خطى أسلافه اشتغل بالبحث في الشعر الشعبي، رغم أنَّه باحث متخصص في الأدب العربي، ورسالته للدكتوراة كانت عن الأديب المعروف يوسف إدريس. في أول أيام عمله دبلوماسيًّا في سفارة بلاده في الرياض فتح إحدى الجرائد، ورأى صفحة الشعر الشعبي وكان يقرأ الألفاظ في هذه القصائد، ويحاول فهمها، وبحكم تخصُّصه فى الشعر الفصيح، كان يفهم بعض كلمات القصائد الشعبيَّة، ولكن هناك كلمات أخرى كثيرة لا يفهمها، مع العلم أنه يحب حياة الباديَّة والصحراء؛ لأنَّ فيها إحساسًا بالحرية والانطلاق في مسافات بعيدة فهذه بيئة مناسبة للتأمُّل والتفكير على حد قوله، وهذا المجال مجال مهمل عند الباحثين في هولندا، وفي أوروبا، وفي العالم فمن الممكن بوجوده في هذه البيئة أن يقدم شيئًا في المجال المعرفي من خلال هذا الميدان . لذلك تواصل مع الدكتور سعد الصويان الأستاذ بجامعة الملك سعود الذي شجعه، وقدم له كل المساعدة. نتاج رحلة د. مارسيل كوربرشوك البحثيَّة تناول بعض ملامحها في ندوة الشعر النبطي في القرن ال21 التي نظمتها جامعة نيويورك في أبوظبي، وقدم فيها ورقة عن الشاعر الراحل عبدالله بن سبيل. المزيد من الصور :