أرقى طباعة، أرقى ورق، لكتبٍ، ظننتُ قبل أن أقرأ عناوينها وأُقلِّب صفحاتها أنها «كتالوجات» كتلك التي تصدرها متاجر المجوهرات الكبرى في العالم أو دور الأزياء الشهيرة، لجذب المشترين إلى منتجاتها، فإذا هي، الكتب المدرسية التي توزعها وزارة التعليم على الملايين من أبنائها الطلاب في أول كل عام بالمجان. وكأن إصلاح التعليم الذي بحت أصوات المصلحين، تدعو إليه، حلّه فقط، في حسن طباعة الكتاب ومظهره وورقه الصقيل، كهذه الكتب التي بين يدي.. العالم اليوم يتجه إلى الكتاب الإلكتروني، لا مكان لطباعة كتب ورقية بهذا الشكل الفريد والتكلفة العالية. * شغلني المظهر عن المحتوى.. فقلت لمن جاءني بهذه المجموعة من الطبعات الجديدة للكتاب المدرسي يطلب رأيًا، لندع الحديث عن المحتوى لأهل الخبرة من رجال التعليم فلدينا منهم حشد كبير.. لا داعي للتطفل والافتئات على حقوق المختصين.. لا داعي لأن ندّعي معرفة كل شيء، ونغمس أيدينا في كل إناء، كما هي عادة معظم المحسوبين على النخب وغير النخب. شافاهم الله. ولكن الذي يشغلني «شكل الكتاب»، الذي للكل أن يسهم فيه برأي. فهذه الكتب ذات الطباعة الفاخرة والورق الصقيل، تُكلِّف الدولة سنويًا، بلايين الريالات، في ظروف اقتصادية تتطلَّب وقف التبذير، وهي كتب لا تستعمل إلا مرة واحدة، يتبارى الطلاب في تمزيقها في نهاية كل عام دراسي، ويتقاذفونها كالكرة، وكأنهم يحتفلون بالخلاص من عبء ثقيل. أليس في طباعة الكتاب المدرسي بهذه التكلفة إهدار للمال العام؟ وهي مبالغ لو سُخِّرت لإصلاح حال المنظومة التعليمية بمنهجها ومعلِّميها ومبانيها وأنشطتها، تكون أجدى وأكثر نفعًا؟ والله المستعان!!