لا يخلو مجلس اليوم من الحديث عن برنامج التحول الاقتصادي، ولكن قلة فقط ممن ينبرون للتحدث عن هذا البرنامج هم الذين يؤكدون أنهم قد اطلعوا على البرنامج وعرفوا تفاصيله بشكل مباشر وليس عن طريق التسريبات الصحفية والقنوات غير الرسمية، الأمر الذي يفرض التساؤل عنا اذا كان البرنامج قد تم إقراره رسمياً من قبل مجلس الوزراء، وهل دخل فعلاً حيز التنفيذ، بل هل عرض على مجلس الشورى وهل حظي المجلس بفرصة مناقشة البرنامج وفهم أبعاده وغاياته وتبعاته. مما سمعناه عن البرنامج أنه يهدف إلى رفع مستوى الأداء والمتابعة والمحاسبة للأجهزة الحكومية باستخدام تقنيات إدارية متعارف عليها ومستخدمة باستمرار في القطاع الخاص مثل مؤشرات الأداء الأساسية (KPI) ولائحة المراقبة العامة (Dashboard) وغيرها، ولا شك في أن الأجهزة الحكومية في حاجة إلى مثل هذا التطوير على أن يصحبه تطوير في مستوى المرونة الإدارية بما في ذلك ما يتعلق بالتحفيز والتدريب وإلغاء أزلية الوظيفة الحكومية. ثم علمنا أن البرنامج يهدف إلى تنشيط برنامج التخصيص، وهو أمر طالما دعونا إليه منذ أول مؤتمر أقامته وزارة التخطيط في عام 1988 واستخدمت فيه عبارة «التحول الى القطاع الخاص» لأن كلمة التخصيص كانت تعتبر كلمة غير مرغوب فيها، وقد قدمت آنذاك ورقة بحث بناء على دعوة من معالي الوزير هشام ناظر يرحمه الله، ولذلك فإن الحاجة إلى التخصيص واضحة لا جدال فيها، ليس لأن التخصيص سوف يدر على الدولة دخلاً إضافياً وإنما لأن التخصيص سوف يساعد على رفع كفاءة الأداء والإنتاج وتحسين مستوى المحاسبة والمسئولية، ولكن المهم في أي برنامج للتخصيص هو الحرص على اختيار الأولويات والتنفيذ المتدرج الذي يحقق للبرنامج أعلى فرص النجاح. وقيل في برنامج التحول أنه يهدف إلى إزالة التشوهات الاقتصادية عن طريق الحد من الإعانات ورفع مستوى أسعار الخدمات إلى مستوى التكلفة على الأقل، وهي أهداف مشروعة ولكنها تحتاج إلى أن يصحبها برنامج لتطوير شبكات الأمان للفئات غير القادرة وذلك حتى تحظى هذه الأهداف بفرص مناسبة من القبول ولكي تراعي مبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية. وأخيراً فيبقى في برنامج التحول أن يشتمل على شق للتحول الاجتماعي وهو جانب يمكن أن نتطرق إليه في وقت لاحق من هذه الأفكار المطروحة للحوار. [email protected]