أعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس الجمعة حظر تجول ليليًا في جميع أنحاء البلاد بعد أيام من احتجاجات اجتماعية ومعيشية غير مسبوقة بحجمها منذ ثورة 2011. وبعد خمس سنوات على إطاحة نظام زين العابدين بن علي، انطلقت تظاهرات للاحتجاج على الفقر والمطالبة بالعدالة إثر وفاة شاب عاطل عن العمل السبت خلال تحرك مطلبي في منطقة القصرين الفقيرة بوسط البلاد. واتسعت الحركة في الأيام الأخيرة لتعم العديد من المدن الأخرى وتخللتها الليل الماضي أعمال عنف في تونس الكبرى. وجاء في بيان لوزارة الداخلية «نظرًا لما شهدته البلاد من اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وما بات يُشكله تواصل هذه الأعمال من مخاطر على أمن الوطن والمواطن، تقرر بداية من الجمعة إعلان حظر التجول بكامل تراب الجمهورية» من الساعة 20,00 ليلًا إلى الساعة 5,00 صباحًا (من 19,00 إلى 4,00 ت غ). وعلى الإثر، أعلن رئيس الوزراء الحبيب الصيد في فرنسا حيث التقى الرئيس فرنسوا هولاند حول مأدبة غداء في قصر الأليزيه أن «الهدوء يعود» إلى البلاد، مؤكدًا أن الوضع «تحت السيطرة حاليًا». من جهته، قال الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي مساء الجمعة إن تونس مستهدفة في أمنها واستقرارها من قوى خارجية من خلال الاحتجاجات التي اجتاحت عدة مدن مطالبة بالتشغيل وبالتنمية. واتهم الرئيس التونسي قوى خارجية وأطرافًا حزبية من دون أن يسميها بالتورط في تأجيج الاحتجاجات وتغذية أعمال العنف في البلاد. وقال السبسي في أول كلمة له موجهة للشعب منذ انطلاق الاحتجاجات الأحد الماضي «التحركات تعد طبيعية في مناطق محرومة لكن الدولة والحكومة (المنتخبة) وجدت بطالة خانقة وأكثر من 700 ألف عاطل». وسبق ان فرض حظر التجول ليلة العملية الانتحارية على الأمن الرئاسي التي ادت إلى مقتل 12 عنصرًا وتبناها تنظيم داعش الإرهابي في 24 نوفمبر في العاصمة التونسية. غير أن القرار اتخذ هذه المرة لمواجهة موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة منذ الثورة في بلد يواجه أوضاعًا اقتصادية صعبة. وقال المحلل المستقل سليم الخراط لوكالة فرانس برس «إنها الأزمة الاجتماعية الأخطر منذ 2011». واضطر الصيد إزاء الوضع في بلاده إلى اختصار جولته إلى أوروبا ليعود مساء الجمعة إلى تونس قادمًا من فرنسا، على ما ذكرت رئاسة الحكومة لفرانس برس. وسيجمع الصيد السبت خلية أزمة ومجلس وزراء استثنائيًا قبل أن يعقد مؤتمرًا صحافيًا. وقال الصيد الجمعة في مقابلة أجرتها معه شبكة فرانس 24 «ليس لدينا عصا سحرية لإعطاء وظائف للجميع في نفس الوقت»، مضيفًا «ما يحدث في تونس مع الشباب ليس حالة جديدة، نحن نرث هذا الوضع». ودعا إلى «الصبر»، موضحًا أن «وظائف جديدة تتطلب جهدًا كبيرًا». ودعا وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كمال العيادي المواطنين إلى «الحكمة» وإلى «الحفاظ على تونس»، مؤكدًا في حديث لإذاعة «شمس اف ام» أن الدولة «تدرس ملف الوظائف». ودعت السلطات في وقت سابق إلى الهدوء بعد أيام من اضطرابات اندلعت في القصرين إثر وفاة الشاب رضا اليحياوي (28 عامًا) العاطل عن العمل السبت بصعقة كهربائية خلال تسلقه عمودًا قرب مقر الوالي احتجاجًا على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام. وأكد مسؤول في الحرس الوطني الجمعة أنه تم خلال الليل الفائت توقيف 16 شخصًا في تونس الكبرى «بعد أعمال تخريب ونهب للمتاجر والمصارف في حي التضامن الشعبي» في شمال غرب تونس. وقال المسؤول خليفة شيباني لاذاعة «موزاييك اف ام» إن الصدامات استمرت حتى الخامسة صباحًا بين الحرس الوطني وملثمين. وذكرت مراسلة لوكالة فرانس برس أن متجرين لبيع الأدوات المنزلية وفرعًا مصرفيًا تعرضت للتخريب والنهب في الشارع الرئيس في الحي، كما أضرمت النار في نقطة حراسة للشرطة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية وليد الوقيني إن هناك «مجرمين يسعون لاستغلال الوضع»، محذرًا «نحن مع المتظاهرين السلميين ولكن ستتم محاسبة من يعتدون على الأملاك العامة والخاصة بقسوة». وأكدت الوزارة أن «كل مخالفة لهذا القرار يتعرض مرتكبها إلى التبعات القانونية اللازمة في ما عدا الحالات الصحية والمستعجلة وأصحاب العمل الليلي». وأهابت بكل المواطنين «الالتزام بمقتضيات حظر التجوال الليلي». وفي سيدي بوزيد (وسط) حيث انطلقت شرارة الثورة حين أضرم البائع الجوال محمد بوعزيزي النار بنفسه في أواخر 2010، وضع مركز الولاية بحماية الجيش. وتجددت الصدامات بين المتظاهرين والشرطة قبل الظهر، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. كما تجمع مئات الأشخاص أمام مركز ولاية القصرين للمطالبة بالتجاوب مع مطالبهم، وفق صحافي في فرانس برس. المزيد من الصور :