المطر نعمة عظيمة، يفرح بقدومه الصغير والكبير، وينتفع به الإنسان والحيوان، وتنتعش بسببه الأرض، وتدب فيها الحياة، وهو مظهر من مظاهر الرحمة، وسمّاه المولى -عزّ وجلّ- بالغيث، والبركة، كما أن المطر قد يكون نقمةً وعذابًا من الله على بعض الأقوام. موسم الأمطار في بعض الدول، وعلى الرغم من قلّتها، إلاَّ أنّها تكشف الكثير من الأسرار، فما أن تهطل الأمطار إلاَّ وتظهر حقيقة مشروعات البُنية التحتية، وخصوصًا ما يتعلّق بشبكات تصريف مياه السيول، والأمطار، أو شبكات الصرف الصحي، أو شبكات التصريف الموجودة في الأنفاق، أو الجسور، أو مجاري السيول، أو غيرها من المشروعات التي يعلن عنها، وتصرف من أجلها المليارات، ثم تأتي هذه الأمطار لتكشف حقيقتها، وتفضح أسرارها. بالأمس نشرت إحدى الصحف خبرًا بعنوان (أول المبرئين في كارثة السيول يواجه تهمة تزوير محررات)، حيث سيقدم المتهم الشهر المقبل، ردوده على التُّهم من خلال عمله في عدة وظائف قيادية في جهة حكومية، وتتمثل في تزوير محرّرات رسمية، وصرف مستخلصات مالية للاستشاري المشرف على معالجة مياه الصرف الصحي، وتوقيعه على مستخلصات عن نفسه، وعن آخرين بمبالغ مختلفة. وقد أوقف المتّهم مع آخرين بسبب كارثة سيولجدة، التي وقعت قبل حوالى 6 أعوام، ولازالت التحقيقات مستمرة بشأنها، ولازالت أسرارها تنكشف يومًا بعد يوم. لم يعد موسم الأمطار موسم رحمة وبركة في بعض المناطق، بل أصبح موسم معاناة للكثيرين، كما أنه موسم كشف للأسرار، وفضح لعمليات الفساد، والتي تتم من خلال بعض المشروعات التي يعلن عنها، وتُسمّى مشروعات تنمية، وهي في حقيقتها تنمية لأرصدة الفاسدين، فالكوارث التي تحدث عند هطول الأمطار في الطرق، أو الأنفاق، وما يلحقه من احتجاز للمركبات، أو غيرها من تعطل للشبكات، إنما هي دليل فساد، وإهمال الشركات المنفّذة لها، وكذلك الجهات المشرفة عليها. جولة واحدة لأي مسؤول بعد هطول الأمطار على بعض الطرقات، في إحدى المدن الرئيسة تكشف له حقيقة تلك المشروعات التي ضجّ الإعلام بها عند تدشينها، وستكشف له مدى كفاءتها، ومستوى الجودة فيها؛ شريطة أن يقوم المسؤول بهذه الجولة بمفرده، ويختار الطرقات بنفسه، ولا يصاحبه فريق إعلامي لتغطية الجولة، بل يسعى أن يقوم بمفرده بكشف الأسرار في موسم الأمطار. [email protected]