أعلن لبنان أمس الجمعة يوما حدادا وطنيا غداة تفجيرين اسفرا عن مقتل 44 شخصا في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، في اعتداء تبناه تنظيم «داعش» الإرهابي ويعد الأكثر دموية في البلاد منذ سنوات. وبدأت العائلات الجمعة بتسلم جثث أفرادها ونقلها من المستشفيات وتشييعها في المناطق التي تتحدر منها، بمشاركة مئات من المواطنين، تزامنا مع إغلاق المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية حدادا. من جهته، شدد رئيس الحكومة تمام سلام على أن «الإرهاب لم يتوقف يومًا عن التخطيط لإلحاق الأذية بلبنان وإثارة الفتنة بين اللبنانيين. وإذا كان قد بدأ لوهلة أن الموجة الإرهابية قد انحسرت، فإن ذلك قد حصل بفضل وعي ويقظة وجهود الجيش وجميع الأجهزة الأمنية التي أحبطت محاولات عديدة لضرب لبنان بطرق مختلفة وفي مناطق متعددة». وفي كلمة له خلال الاجتماع الأمني الذي ترأسه في السراي الحكومي، لفت إلى أن ما جرى يجب أن يكون دافعًا إلى مزيد من التنسيق بين الأجهزة الأمنية ورفع مستوى اليقظة لردّ الأذى عن أهلنا في جميع مناطق لبنان وإلى أي طائفة انتموا، وإلى مزيد من الالتفاف الوطني حول الجيش والقوى الأمنية في مهمتها المقدسة هذه». وأفاد الصليب الأحمر اللبناني الجمعة عن ارتفاع حصيلة القتلى إلى 44 بالاضافة إلى إصابة 239 شخصا بجروح، بعضهم في حالة حرجة، جراء التفجيرين اللذين استهدفا شارعا تجاريا وسكنيا مكتظا في وقت الذروة في منطقة برج البراجنة. في بلدة طلوسة في جنوبلبنان والتي تبعد كيلومترات عدة عن الحدود مع اسرائيل، يتداول الأهالي رواية «البطل» عادل ترمس الذي منع احد الانتحاريين بعد التفجير الاول من دخول حسينية كان داخلها العشرات يؤدون الصلاة في برج البراجنة. وقال حسين سكيني (35 عاما) وهو جار ترمس وأحد المصابين في تفجير برج البراجنة لمراسل فرانس برس الجمعة: «أصيبت في التفجير الثاني، كنت في الحسينية وخرجت منها فور دوي التفجير الأول ورفعت جثة طفلة عن الأرض». وأضاف «فجأة وجدت عادل يركض نحو شخص في طريقه إلى الحسينية، ثم أمسك به واخذه جانبا بالقوة، وما هي الا لحظات حتى دوى التفجير الثاني». وفي موقع التفجيرين، عملت الجرافات على رفع الانقاض وساعد الأهالي وعمال البلدية في إزالة الزجاج المتناثر. كما حضر عناصر الأدلة الجنائية ومحققون لرفع الأدلة. وأضاءت مجموعات شبابية الشموع في موقع التفجيرين. وأعلن الجيش اللبناني الخميس أن الهجوم نفذه انتحاريان وتم العثور على جثة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه في موقع الانفجار. لكن المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود تحدث الجمعة بعد تفقده الموقع عن عملية «مزدوجة»، وقال للصحافيين: «هما تفجيران ولم يثبت إلى الآن أن الانتحاريين كانوا ثلاثة». وأضاف «المتفجرة الأولى كانت على الدراجة زنتها سبعة كيلوغرامات والثانية على الخصر (الانتحاري) وزنتها كيلوغرامان ونحن في طور الدراسة وتحديد نوعها». وتبنى تنظيم داعش الإرهابي الخميس في بيان تداولته حسابات ومواقع جهادية على الانترنت الهجوم. وتحدث عن «ركن دراجة مفخخة وتفجيرها في ما يعرف بشارع الحسينية في منطقة برج البراجنة»، مضيفا «بعد تجمع المرتدين في مكان التفجير» فجر أحد عناصر التنظيم حزامه الناسف «في وسطهم». ولم يشر بيان التنظيم المتطرف الى تورط حزب الله في القتال إلى جانب قوات النظام في سوريا. واعتبر رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري أن «قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير من برج البراجنة إلى كل مكان». كذلك دانت المملكة «التفجير الإرهابي». ووصفته الولاياتالمتحدة بأنه «إرهابي وشنيع»، مؤكدة أنه «لا يؤدي إلا إلى تعزيز التزامنا في دعم مؤسسات الدولة اللبنانية ومن بينها الأجهزة الأمنية لجعل لبنان مستقرا وآمنا وذات سيادة». ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الاعتداء ب»العمل الحقير» ودعا اللبنانيين إلى «مواصلة العمل للحفاظ على أمن واستقرار» البلاد. من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن «سخطه» معتبرا الاعتداء «عملا دنيئا». المزيد من الصور :