تزامنت عملية استكمال تحرير عدن من قبضة المخلوع والحوثيين مع الإعلان عن الاتفاق النووي بين إيرانوأمريكا وباقي مجموعة الدول الخمس زائد واحد ، مما دفع بعض الإعلاميين العرب إلى التساؤل فيما إذا كانت هناك علاقة بين التحرير وإعلان الاتفاق . وهذا تساؤل في غير محله ، وأي اتفاق فيما بين الأمريكيين والإيرانيين لن تبرز نتائجه إلا بعد اعتماد الكونجرس الأمريكي بفيتو أوباما الذي هدد باستخدامه إذا لم يعتمد الكونجرس الاتفاق ، أو بدونه .. لأن تحرير عدن هو نتيجة لمقاومة بطولية لأهالي عدن ضد العدوان الحوثي بدعم من المخلوع ، وكانت النتيجة هذه بادية للعيان منذ أن حمل العدنيون السلاح ضد العدوان الحوثي وواصلوا مقاومتهم بشكل أذهل خصومهم وأدى إلى احترام العالم لمقاومتهم وقضيتهم. ومن يعتقد أن الاتفاق الأمريكي – الإيراني سيؤدي إلى توقف الإيرانيين عن التوسع في الرقعة العربية عبر دعم زعزعة الاستقرار وتمويل وتدريب العملاء والمرتزقة ، أكانوا سنة أو شيعة ، هو واهم . واللافت للنظر أن ثوماس فريدمان ، الصحفي الأمريكي الذي حاور أوباما مؤخراً حول اتفاقه النووي مع إيران ، قال في حديث متلفز له أن أمريكا بحاجة لإيران لإحداث ما سماه ( توازن مع السنة العرب ) . مما يدل على أن الدور التخريبي لإيران في المنطقة لم ينتهِ بعد . عودة إلى الموضوع اليمني : الانتصار الذي حققته المقاومة في عدن هو بداية لمرحلة جديدة هامة في إعادة بناء ما يسمى في الوقت الحاضر باليمن . إذ إن كثيراً ممن تحملوا مهمة مقاومة الزحف الحوثي بدعم من المخلوع لا يقبلون إطلاقاً باستمرار الوضع كما هو عليه ، ويطالبون بإقامة كيان خاص بهم . لذا فإن تحرير عدن يشكل عدة تحديات بالنسبة للحكومة اليمنية القائمة ، أولها بالطبع كيفية المحافظة على الأمن في المنطقة المحررة بدون إثارة الخلافات حول الشكل المطلوب لليمن القادم وإقناع المقاومين بتأجيل البحث في الخلاف حول الانفصال أو عدمه إلى ما بعد التحرير الكامل لليمن . ومن الصعب الدخول في تحليل موسع للمصاعب الضخمة التي تواجه اليمنيين اليوم ، لذا أوجز بعضها : 1-كيف يمكن أن تكون عدن والمناطق المحررة وحواليها قاعدة انطلاق لجيش وقوات وطنية تحرر باقي البلاد . 2-السعي لتوحيد المقاومة تحت مظلة الدولة .. وعدم إتاحة الفرصة لتحول بعض العناصر الى أدوات تخريب ضدها. وبينما يرى البعض إبقاء الجنوب جزءًا من اليمن ، إلا أن الحراك الجنوبي ومقاومين جنوبيين آخرين يرفضون وبشدة القبول بهذا الأمر وهنا يأتي التحدي للدولة في كيفية منع المقاومين من مقاتلة بعضهم البعض . 3-المحافظة على استمرار دعم التحالف ، بمختلف أشكاله لأطول فترة ممكنة، حتى تتمكن الدولة من تخطي العقبات السياسية والأمنية والاقتصادية الداخلية . 4- تجنيد الأممالمتحدة لمواصلة تطبيق المقترحات التي تؤدي إلى تحقيق قيام المحافظات باستقلالية كبيرة ، بشكل يحقق الطموحات المختلفة في الجنوب والشمال . مأساة اليمن في طريق إلى حل قد يكون طويل الأمد. فجميع الأطراف ، عدا الحوثي والمخلوع ، مقتنع برغبة المواطنين إلغاء المركزية ودعم استقلالية المحافظات ، وإلغاء المليشيات بمختلف أشكالها القبلية والحزبية وصعود جيل جديد من الشباب إلى الصدارة لقيادة البلاد ، وهو أمر لن يتم بدون خارطة طريق طويلة الأمد يتم مراجعة نتائجها في مراحل معينة لتصل البلاد إلى ما يأمله مواطنوها . [email protected]