تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن طريق نظام المراقبة الإليكتروني والكاميرات الذكية المنتشرة في شوارعها ومنشآتها الرئيسة من حفظ النظام واكتشاف كثير من الجرائم التي أصبحت أعين شرطة الإمارات وكاميراتهم الساهرة تلاحقهم أينما كانوا. ومن أبرز تلك الجرائم قضية قتل القائد بحركة حماس محمود المبحوح، حيث وثق فيديو تفاصيل الجريمة بالكامل، وربما هي المرة الأولى التي يشاهد فيها الجمهور بالمنازل فيلم فيديو يوثّق عملية اغتيال سياسي بالكامل. وقد سبق هذه الحادثة جريمة مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، أما آخر تلك الجرائم فهي المعروفة ب"شبح الريم" التي رصدت كاميرات المراقبة جريمتها التى تخفت فيها القاتلة وراء نقاب يخفى معالم وجهها لتصبح الجريمة الاكثر غموضاً التي تم كشفها في دولة الإمارات. *** هذه النجاحات الأمنية الكبيرة لهذا النظام جذبت، كما يبدو، انتباه بعض أعضاء مجلس الشورى إلى الاستشهاد بها لاقتراح اعتماد نظام مشابه في المملكة، ولكن - وهي الكلمة التي تلحق بأي فكرة في مجتمعنا - شكك المعترضون في خطورة هذا النظام وأثاروا الريبة في أهدافه وما يمكن أن يقود إليه من "إفساد" لمجتمعنا "البريء"، "المحافظ"، "المتمسك بالفضيلة والأخلاق السامية".. وكأن بقية مجتمعات العالم تغوص في الرذيلة من قِمَّة رأسها إلى أخمَص قدميها! لذا يبدو أن المشروع المقترح سيخضع لبيات شتوي لبعض الوقت. *** ما يثير شكوكي وأخشاه ليس هو ما سيوقعه مثل هذا النظام من اختراق لخصوصية المواطن، وهو أمر يجب اجتنابه، ولكن من أن يتم تحويل هذا النظام بين أيدينا إلى "نظام غير"، بعد سعودته .. وبدلاً من أن يكون خيراً وبركة للمواطن يتحول إلى نقمة ووبال على الناس. حدث هذا، للأسف الشديد، مع نظام "ساهر" الذي أصبح يسهر على إنزال العقوبات بالسائقين على تحري أمنهم وسلامتهم، والتحول ليكون حلقات متواصلة من "الكاميرا الخفية" تتحرى تأمين ما في جيب قائد المركبة أكثر من تأمين حياته. وهذا ما أخشاه على نظام المراقبة الإليكترونية المُقترح. *** المرجو هو القيام بدراسة متأنية لهذا النظام مع دراسة دمج "ساهر" كجزء منه يقوم، بالإضافة إلى مهامه في ضبط الشارع المروري، بالسهر على أمن الناس ومراقبة الجريمة، والاستعانة في ذلك مع كاميرات المراقبة في المجمعات التجارية والترفيهية والأندية الرياضية والثقافية كذلك الفنادق والشقق الفندقية والبنوك والمصارف ومحلات الذهب والمجوهرات، المستشفيات، المصانع..الخ، هذا بالإضافة إلى الأماكن العامة في الدولة مثل الطرق الرئيسية والأسواق والمتنزهات، بل تصل التغطية إلى أجهزة الصراف الآلي فنستطيع أن نتبين إجراءات عمليات الصرف واستلام الأموال. *** وأخيراً... إن الغرض من هذا الدور الرقابي ليس مراقبة الناس وإنما تقديم الخدمة لهم وحفظ أمن الشوارع والمُنشآت العامة والخاصة على مدار الساعة عن طريق كاميرات المراقبة وقبل كل ذلك هي عامل من عوامل منع وقوع الجريمة. فالوقاية خير من العلاج. #نافذة: إنكار وجود كاميرات المراقبة الإليكترونية كإنكار وجود رجال الأمن في الشارع ... من يخشاهم هم من المتضررين من تطبيق القوانين ... واللي على راسه بطحة يحسس عليها!! [email protected]