سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدراجات الهوائية هي الحل! عدتُ إلى جدة بعد غياب دام عامين، ووجدت أن حالتها أسوأ من ذي قبل، ورش العمل تواصل عملها بعضلات سلحفاة، والسقالات المنتصبة تملأ أغلب مساحات المدينة، والطرق حلزونية متعرجة، تفوق مضامير السباقات الدولية
نتفق كثيرًا مع من يقول بأن مشكلة الازدحام المروري مشكلة عالمية تعاني منها أغلب عواصم العالم، إلاَّ أنها في مدينة "جدة" تفوق كل النسب، وأستغرب أن لا تكون هذه المدينة من بين تلك المدن التي كشفت إحصائية عالمية عن مؤشر متطور لقياس الازدحام المروري بأنها الأكثر ازدحامًا في العالم، حيث احتلت العاصمة الروسية "موسكو" المركز الأول، تلتها تركيا، ثم ريودي جانيرو، فمرسيليا، وساوباولو، وباريس، وروما، وستكهولم. عُدتُ إلى "جدة" بعد غياب دام عامين، حينما غادرتها كانت غارقة في أرتال من المركبات، وتظللها سحب من عوادم السيارات، يتوه فيها سكانها لطرقها المتعرجة، ويعجز ال(جي بي إس) عن فك رموزها. وعُدت إليها ووجدت أن حالتها أسوأ من ذي قبل، ورش العمل تواصل عملها بعضلات سلحفاة، و(السقالات) المنتصبة تملأ أغلب مساحات المدينة، والطرق حلزونية متعرّجة تفوق مضامير السباقات الدولية "فورمولا"، يصعب على المتمرسين فك رموزها، والوصول إلى وجهتهم المحددة، وحيثما كانت وجهتك في جدة فأنت بحاجة إلى مساعد يحمل خارطتها، وتكون سائقًا بمهارة "شوماخر". كتب الكثير من الزملاء عن هذه المشكلة، وطرحوا الحلول التي رأوها حسب اجتهاداتهم، مثل تفعيل النقل العام، والقطارات المتحركة، وهي حلول، رأيناها في كثير من العواصم كالقاهرة ولندن وغيرهما، لكن الوضع هنا مختلف جدًّا، فما يصلح هناك ليس بالضرورة أن يصلح هنا، لأن معظم الذين يستخدمون النقل العام هم من الأشقاء الوافدين، والمشكلة تكمن فينا نحن الذين نمتلك سيارات بعدد أفراد الأسرة. ما يدعو للإحباط هو التصريح الذي أدلى به وكيل أمين مدينة جدة للتعمير والمشروعات الذي قال فيه (بأن عدد المشروعات التي سيتم إنشاؤها 30 جسرًا ونفقًا، وأن ما تم الانتهاء منها حتى الآن عشرة فقط)، وذلك يعني أن معاناتنا طوال السنوات الثلاث الماضية كان مخاضها عشرة مشروعات، وعلينا أن نستعد للماراثون التالي الذي لا نعرف كم من السنوات تستغرقه تلك المشروعات العشرون المتبقية، لكن العجيب في هذا الأمر هي الدراسة التي توصلت إليها الأمانة، والتي تحدث عنها وكيل الأمين نفسه؛ وتشتمل على توصّلهم إلى خطة للمشاة وراكبي الدراجات للتخفيف من الازدحام، وذلك يعني أن يذهب سكان المحافظة إلى أعمالهم، أو للتسوّق مشيًا على الأقدام، أو بواسطة الدراجات الهوائية!. ولذلك لا أستغرب الدراسة التي بيّنت أن حوادث السير في جدة بلغت 79680 حادث سير في العام، لأن من يرى كيف هو حال السائقين مع الطرق الملتوية والازدحام يُقدِّر ارتكابهم لتلك الحوادث. وفي ظني، مع غياب "المرور" عن الساحة، فإن الشركات التي تتولّى تنفيذ المشروعات هي التي ترسم خطط السير حسب رؤيتها.. أعانكم الله سكان العروس على ما تتكبدونه من مشاق. [email protected]