سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دورة الخليج بدون جمهور !! يجب أن يعالج الإعلام الرياضي من داء استمرائه للإثارة على حساب الحقيقة، وتجنيد أطروحاته المُغلفة بالميول لخدمة هذه الإثارة.. عندها ستكون نظرتنا شمولية هدفها الأسمى تطوير الرياضة السعودية
واصلت دورة الخليج عقوقها المستديم مع الأخضر؛ فعلى الرغم من تحقيق منتخبنا الوطني لبطولات قارية والتأهل لنهائيات كأس آسيا، ومقارعته لمنتخبات تفوق منتخبات الخليج أداءً ومهارة؛ إلا أنه يفشل فشلًا ذريعًا في التعامل مع حساسية هذه البطولة التي يدخلها والترشيحات تصبُّ كلها في صالحه، ومع ذلك يخرج خالي الوفاض منها، الأمر الذي يعني أن ثمة عقدة نفسية لازمت وما زالت تلازم المنتخب في هذه البطولة الإقليمية التي تُمثل تحديًا وأملًا لكافة شعوب الخليج ومُحبي الفاتنة المدوَّرة، بل وتُفضلها على بقية البطولات القارية نظرًا لما تحمله من تنافس قوي بين منتخبات يُمثِّل فوز بعضها على الآخر فتحًا كبيرًا وإشباعًا لنهمها الغريزي المُرتبط بإرهاصات ماضوية تناقلتها الأجيال بالتواتر؛ حتى وصلت إلينا في هذا العصر. ولكن اللافت في هذه البطولة -على وجه التحديد- هو الغياب الكبير لجمهور الأخضر الذي أبى واستكبر على الوقوف خلف منتخب بلاده -تشجيعًا ومؤازرة- على الرغم من أن الجهات ذات العلاقة بتنظيم البطولة سمحت لهم بالدخول المجاني، الأمر الذي يعكس مؤشرًا خطيرًا للغياب غير المُبرر لأهم عامل مؤثر في الرفع من الروح المعنوية للاعبين ألا وهو الجمهور، في الوقت الذي كان في السابق يصعب على الجماهير أن تجد مقاعد تستطيع من خلالها دعم المنتخب، والمُضحك أن الحضور كان بمقابل مادي وسوق سوداء أيضًا، وليس كما هو الآن بالمجان؛ مما يعني أننا أمام مُعضلة توجب التوقُّف لمناقشة دوافع ومُسببات هذا التنحِّي عن مسار يهم قطاع الشباب، على أن تتمتع هذه المناقشة بالشفافية المتناهية بعيدًا عن المداهنة والمواربة؛ لأن الهدف الأسمى هو معالجة مُعضلة تتغذى على التعصب الأعمى الذي فضَّل الجزء على الكُّل. لذا أرى أن الإعلام الرياضي ساهم وبشكل كبير في توسيع الهوُّة جراء انحيازه في مناقشته للقضايا الرياضية التي ظهرت على السطح إبَّان مسابقة الدوري، أو مشاركة الأندية في المسابقات الخليجية والقارية، وطغى فيها الميول للأندية بشكل فاضح، والمُخجل أن هذا يحدث مِمَنْ أُطلق عليهم "نقادًا" وهم أبعد ما يكون عن ممارسة أبجدياته التي يأتي في مُقدمة أولوياته؛ الموضوعية وعدم التحيُّز -مع إيماننا بالميول- إلا أنه يجب ألاَّ تكون حاضرة عند تصدي الإعلام لمعالجة قضية تهم الشأن الرياضي، حيث كانت نتيجة هذا التعاطي السلبي هو إحجام الجماهير الرياضية عن حضور مباريات منتخب بلادها، والسبب يكمن في تسريب أن المحاباة كانت لصالح فريق بعينه عند اختيار العناصر التي ستُمثِّل المنتخب، مما حدا بالجماهير أخذ موقف داعم لإسقاطات الإعلام غير المنطقية والمؤججة للتعنصر للأندية على حساب منتخبنا الوطني. من هذا المُنطلق يجب أن يُعَاَلج الإعلام الرياضي من هذا الداء الذي تملَّك مفاصله، وأصبح يتحكم في تفاعله مع كل ما يُطرح في الوسط الرياضي عن طريق استمرائه للإثارة على حساب الحقيقة، وتجنيد أطروحاته المُغلفة بالميول لخدمة هذه الإثارة؛ عندها فقط نستطيع أن نخلق مناخًا جاذبًا للجميع يتناقشون فيه بعيدًا كل البعد عن اختزال الرياضة في نادٍ مُعيّن، بقدر ما تكون نظرتنا شمولية هدفها الأسمى تطوير الرياضة السعودية، وجعل حضورها الإقليمي والقاري والعالمي مؤثرًا يعكس معه وعيًا وفكرًا رياضيًا حضاريًا في التعاطي والسلوك، فهل نرى هذه الرؤية واقعًا ملموسًا في القريب؟ أم أن الممارسات غير المُنضبطة ستواصل مسيرتها العكسية في هدم مُنجز الرياضة المُتشكِّل خلال العقود الماضية؟!. [email protected]