مع أول نزول للأمطار على جدة، كان الاختبار الحقيقي للمشروعات التي كان يجري تنفيذها لتصريف الأمطار والصرف الصحي والشوارع، ولكن جدة غرقت في شبر ماء وتحولت أحياؤها وشوارعها إلى بحيرات من المياه على الرغم من المليارات التي أنفقتها الدولة عليها، وكانت النتيجة التي آلت إليها بعد هطول الأمطار، صدمة لسكان العروس. فقد نقلت مواقع التواصل الاجتماعي عددًا من الصور والفيديوهات للسيول في أحياء وشوارع جدة، وانتشار البرك والمستنقعات فيها، مما حدا بالمستخدمين لهذه المواقع إلى أن يصبّوا جام غضبهم، على أمانة محافظة جدة وشركة المياه الوطنية المعنيتين بمشروعات الصرف الصحي وتصريف الأمطار والطرق، ولعل ما أجمع عليه السكان أن أغلب ما يحل بجدة جراء الأمطار هو سوء تنفيذ المشروعات القائمة على الرغم من المبالغ المعتمدة لها، والتأخير في تنفيذها، وضعف الرقابة عليها. فمشكلة جدة مع الصرف الصحي وتصريف الأمطار، ستستمر طويلًا، حيث لم ينجز من هذا المشروع إلا القليل رغم الإعلان عنه منذ سنوات طويلة، والسكان ينتظرون هذا المشروع الذي لم يكتمل، وشركة المياه الوطنية غائبة عن المشهد تمامًا وكأنه لا يخصها، وسكان جدة كلما هطلت الأمطار وضعوا أيديهم على قلوبهم خوفًا من وقوع كارثة أخرى فلماذا التأخير في تنفيذها وأين الشركة من ذلك. أما أمانة جدة فأنا استغرب أنها لم تستفد من التجارب السابقة في مشكلة السيول، في المشروعات الحالية في الأنفاق والشوارع، نفس الأخطاء نفس المشاكل، فهل من المعقول مدينة مثل جدة الحلول المطروحة لدى الأمانة هي صهاريج الشفط التي تقوم بها في الشوارع والأنفاق عقب كل هطول أمطار، فأين فعالية هذه المشروعات في استيعاب السيول، وهل هذه حلول في زمن المشروعات العملاقة. نظرة واحدة إلى الشوارع والأنفاق وهي شبيهة بالبحيرات، يؤكد سوء تنفيذ هذه المشروعات وأن تلك الشركات ليست مؤهلة للقيام بها، فما هي المواصفات التي نفذت بها هذه الشوارع، ومن هي الشركات المنفذة التي تقاضت الملايين، وأين الرقابة والشروط الجزائية على الإخلال بالمواصفات، وكيف تم استلامها، وهل سيحاسب من قام بتنفيذ هذه المشروعات، وأين دور الأمانة. يجب الحرص على إسناد مشروعات البنى التحتية إلى شركات قادرة على تنفيذها بمستوى عالٍ من الجودة، ومراقبتها وتقييمها وضمان مطابقتها للمواصفات، وقدرتها على الوقوف في وجه كل الظروف البيئية.