شدد سامح شكري وزير الخارجية على ضرورة تبني المجتمع الدولي لغة حاسمة مع المتطرفين والإرهابيين، وضرورة الاقتناع بأن الحرب ضد الإرهاب لا يمكن الكيل فيها بمكيالين، وذلك عبر تفعيل قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2174 باتخاذ الإجراءات العقابية الضرورية على الأطراف الداعمة للعنف، وطالب الوزير بضرورة الإدانة الصريحة لكافة الأطراف الدولية أو الإقليمية التي تدعم الميليشيات المتطرفة الرافضة لشرعية مؤسسات الدولة الليبية سواء بإتاحة الساحة السياسية مفتوحة أمامها من خلال التواصل دون أن تتخذ أي خطوات نحو التخلي عن الخيار المسلح في تقويض لإرادة الشعب الليبي أو بدعم هذه المليشيات بالمقاتلين الأجانب والأسلحة.. مشيرًا الى ان ليبيا تحتل لدى مصر مكانة خاصة كدولة جوار بحدود برية وساحلية تتجاوز ال1000 كيلو متر، مؤكدًا أن هذه الحدود الممتدة ساهمت في ترسيخ المكون التاريخي والثقافي والاجتماعي للعلاقات المصرية الليبية، والذي يتجسد في الترابط العائلي والتداخل القبلي فيما بين البلدين لأكثر من نصف سكان ليبيا. جاء ذلك في كلمة وزير الخارجية أمام المؤتمر الوزاري حول الاستقرار والتنمية في ليبيا والذي عقد امس بالعاصمة الاسبانية مدريد وأضاف الوزير: إن هذه الحدود ساهمت أيضا في تعزيز حركة التبادل الاقتصادي والاستثماري بين الدولتين، هذا فضلاً عن روابط اللغة والدين فيما بين بلدينا الشقيقين، وأكد الوزير أن هذا المؤتمر مطالب بالاتفاق على مبادئ رئيسة تعكس رؤيتنا المشتركة وتحكم تحركاتنا المستقبلية لإخراج هذا البلد الشقيق من محنته، وشدد الوزير على أن الرؤية المصرية تنبنى على عدد من المبادئ وهي ضرورة تقديم كامل الدعم لمجلس النواب ككيان شرعي وممثل وحيد لليبيين، ودعم الحكومة المنبثقة عنه، واعتبار الاعتراف بشرعية مجلس النواب وحكومته مبدأ أساسيًا قبل الحوار وليس أحد نتائجه، وأضاف الوزير: إنه لابد من اعتبار إعادة إحياء المؤتمر الوطني وتشكيله حكومة موازية أمراً غير مقبول لدى المجتمع الدولي وغير شرعي، وسابقة خطيرة قد تدفع مؤسسات أخرى كانت لها شرعيتها في الماضي نحو التفكير في العودة، وأوضح شكري أنه من الطبيعي أن يزداد قلق مصر إزاء تدهور الأوضاع في هذا البلد الشقيق، ومن الطبيعي أيضًا ألا نتردد في تحمل مسؤولياتنا التاريخية إزاء مساندة الشعب الليبي الشقيق ومؤسساته الشرعية من أجل مواجهة التحديات الماثلة أمامه، ومن أجل ضمان نجاحه في الانتقال السياسي الآمن وبناء مؤسساته الوطنية، وتبوؤه موقعه الرئيسي في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، والمساهمة الفعالة في تقدم ونمو محيطه العربي والإفريقي. وقال: إن مصر دعمت ثورة الشعب الليبي في فبراير2011، من أجل تحقيق هذه الغايات وارتكزت كافة التحركات السياسية المصرية المتصلة بالشأن الليبي، وصولاً إلى اجتماعنا مع شركائنا في الجوار مع ليبيا خلال المؤتمر الوزاري الذي عقد بالقاهرة في 25 أغسطس الماضي، وأضاف الوزير: إنه حين توحدت رؤانا حول ضرورة حشد الدعم الكاف للمؤسسات الليبية الشرعية وعلى رأسها مجلس النواب الليبي، الممثل الشرعي والوحيد لإرادة الشعب الليبي في الوقت الحالي والحكومة المنبثقة عنه؛ من أجل استكمال مسيرته في الانتقال الديمقراطي والمصالحة والوفاق بين كافة أبنائه، وأكد الوزير أن اجتماع القاهرة أكدت خلاله دولنا على رفض التدخل في الشأن الليبي كمبدأ مستقر، وشددت على ضرورة التزام كافة الأطراف الخارجية بالامتناع عن مد الأطراف غير الشرعية بالسلاح بجميع أنواعه، وأضاف: إن دور الجوار أعربت عن تصميمها على أن تشكل تحركاتها أساسًا لأي جهد دولي أو إقليمي يرمي إلى التعامل مع المستجدات على الساحة الليبية، وأن تعمل مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بالمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة الليبية بما في ذلك التدريب على ضبط الحدود وتوفير الأجهزة الفنية الحديثة في المراقبة والرصد. وأعرب عن امله في أن ننجح اليوم في الخروج برؤية مشتركة حول سبل المساعدة في إخراج هذا البلد الشقيق من محنته، مطالبين بعدم تكرار أخطاء الماضي والتوقف عن تجريب أساليب ثبت فشلها، فالمساعدة المرجوة من المجتمع الدولي يتعين أن ترتكز على دعم مؤسسات الشرعية الليبية، وبناء قدرات الجيش والشرطة الوطنيتين على مجابهة تحدي الإرهاب وانتشار السلاح، وحماية ثروات الدولة من نهب عصابات الإجرام والإرهاب؛ وكل ذلك في إطار احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا والحفاظ على استقلاها السياسي.