أفهم أحيانًا أن تخسر شركة الكهرباء بسبب مصروفات مرتفعة أو استثمارات جديدة مفروضة عليها قد لا تكون مجدية، أو بسبب ديون هائلة معدومة. لكني لا أفهم كيف تخسر شركة وطنية متخصصة في إنتاج وبيع البتروكيماويات! أو كيف تقع فريسة لديون كبيرة في زمن تُعد فيه هذه المنتجات من الأكثر رواجًا على مستوى العالم! هل هو التسويق الهزيل؟ أم هل هي المصروفات (الفارهة) الضخمة غير المرشدة، ودون وجود آلية واضحة للمحاسبة والمتابعة والمراقبة! هذه قصة شركة (تصنيع)، وحجم الديون البالغة 15 مليار ريال منسوبة إلى رئيسها التنفيذي أ. صالح النزهة عبر CNBC عربية. تلكم إحدى أخبار سوق الأسهم السعودي. أما الخبر الآخر فهو قرار هيئة سوق المال الصادر يوم 4 يونيو بإيقاف تداول أسهم شركة (وقاية) للتأمين وإعادة التأمين التكافلي بسبب بلوغ خسائرها 97% من رأس مالها. وهو إجراء متأخر لأن هيئة السوق تعلم منذ 20 أبريل الماضي، أي قبل 45 يومًا بوضع الشركة حسب القوائم المالية المرفوعة من الشركة نفسها لهيئة السوق. هل هو نوم في العسل؟ أم رغبة في منح الشركة مزيدًا من الفرص؟ وإن كانت الأخيرة فما هي الأسس الاقتصادية المتبعة لاتخاذ قرار بهذا الحجم؟ اليوم يعيش سوق الأسهم انتعاشًا لا بأس به، وقد طال انتظاره منذ النكسة الكبرى قبل 8 سنوات. وكنت أحسب أن هيئة سوق المال قد استوعبت الدروس فنضجت بما يكفي وتطورت آلياتها وارتفع مستوى أدائها بحيث تمنع كوارث مستقبلية من شاكلة ما حدث عام 2006م، ولم يجرؤ أحد على تفسيره سوى التكهنات التي تُطلق بين الفينة والأخرى تسترجع الماضي وتنكأ الجراح. لم يعد المواطن يحتمل مفاجآت من حجم كارثة 2006، أو على غرار الشركات التي أفلست وصُفيت، وشركات قُومت علاوة إصدار أسهمها بأضعاف مضاعفة بسبب دراسات (مضروبة) تم اعتمادها دون تدقيق ولا مراجعة، ليدفع المواطن الثمن بأكمله في نهاية المطاف، ولتذهب كل الفوائد إلى فئة محدودة تزداد ثراء على ثراء فاحش أصلاً. فضلاً يا هيئتنا العزيزة: كل مساهم أمانة في عنقك، فلا تخذليه. [email protected]