بني هذا الخطاب الديني والثقافي عن المرأة على مفاهيم وتفسيرات خاطئة لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة وبناء أحكام فقهية على تلك المفاهيم الخاطئة يواجه الإسلام حملة شعواء من قبل الغرب، ومن ضمن هذه الحملات ما ننسبه نحن المسلمين - إلى الإسلام في خطابنا الديني والثقافي، وفي أحكامنا الفقهية والقضائية،وأنظمتنا وقوانيننا ، وفي فتاوينا المتعلقة بالمرأة، فنتعامل معها بموجب أهوائنا تارة، وبموجب الأعراف والعادات والتقاليد تارة ثانية، ومرويات ضعيفة وموضوعة وشاذة ونعلم ذلك تارة ثالثة، وننسب ذلك إلى الإسلام، والإسلام برئ ممَّا نُنسبه له، واعتبر الغرب أنَّ معاناة المرأة المسلمة في مجتمعاتها سببه الإسلام، لأنَّنا نسبنا ذلك إلى الإسلام سواءً في خطابنا الإسلامي للمرأة، أو في بعض كتب التفسير والفقه، ولذا نجد السويسريين في استفتائهم على بناء المآذن استغلوا هذا الضعف والقصور في خطابنا الإسلامي، وحكموا على الإسلام بالنظرة السائدة في مجتمعاتنا الإسلامية للمرأة القائمة على كون المرأة في الإسلام مقهورة ومهمشة،وتحت وصاية الرجل من مولدها إلى وفاتها،وللرجل أن يزوجها متى شاء حتى لو كانت طفلة في الثامنة، أو التاسعة من عمرها، ولمن شاء حتى لو كان في الخمسين، أو الستين، أو السبعين من عمره بدعوى زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة رضي الله عنها، وهي ابنة تسع سنوات، وقد ثبت ضعف الأحاديث الواردة بهذا الصدد،، وله الحق في عدم تزويجها حتى لو بلغت سن الأربعين، وله حق تطليقها متى شاء لعدم الكفاءة في النسب بناءً على حديث منكر، وهو « العرب بعضهم أكفاء بعض قبيلة بقبيلة وفخذ بفخذ ..»،وله الحق أن يتزوج عليها دون مبررات، ويفضل زوجة على الأخرى دون أن يُراعي العدل، وأبُيح له زواج المسيار القائم على ظلم المرأة، وسلبها حقوقها الزوجية إرضاءً لشهواته، واستغلالاً لظروف ترملها ورعايتها لأطفالها، أو طلاقها، أو تأخر سنها في الزواج، أو لعملها كطبيبة،أو لرعاية والديها، أو أحد والديها،وله حق هجرها أو تعليقها، وحرمت من حق طلب فسخ عقد الزواج للهجر والتعليق، ولهذا الولي الحق أن يحرمها من حقها في الميراث متى شاء، بحكم ولايته عليها، أو تمشياً مع بعض الأعراف، وإن أعطاها حقها في الميراث فلها نصف ماله، وبعض المجتمعات أعطته حق حرمانها من حقها في التعليم والعمل لاشتراط موافقته للقبول في المدرسة، أو المعهد، أو الجامعة، أو العمل، وحتى لو كتب خطاب الموافقة، فله حق سحب ملف ابنته، أو زوجته، أو أخته متى شاء،ولا يحق لها السفر إلاَّ برفقة محرم، والتي لا محرم لها لا تسافر البتة، بل لا يحق لها رفع دعوى قضائية إلاّ برفقة محرم، حتى لو كانت الدعوى ضد هذا المحرم، محرومة من أي حق سياسي، فلا بيعة لها، ولا شورى، ولا ولاية فمادام الرجال قوّامين على النساء، فلا ولاية لمرأة عليهم حتى لو كانت هي صاحبة المنشأة، بل حتى في المؤسسات والجمعيات وفي المحافل العلمية يُذكر فيها اسم الرجال، ثمّ النساء، ولمفهوم خاطئ لآية المداينة فشهادة امرأتين برجل،ولمفهوم خاطئ لآيات المواريث و المداينة جعلوا دية المقتولة خطأ نصف دية الذكر، حتى لو كان هذا الذكر طفلاً رضيعاً، والأنثى تُعيل أسرتها، وبعض المجتمعات أباحت قتل المرأة لمجرد الشك في سلوكها، والمجتمعات التي توجب عليها تغطية الوجه،لا تقبل شهادتها في المحاكم لضرورة وجود المُعرِّفيْن، والاختلاف حول حجاب المرأة المسلمة وهيئته وصفته لم يتوقف عند كشف وجه المرأة، أو تغطيته ، بل هناك من أوجب عليها النقاب ولبس القفازين،وأُعتبر أنَّ مجرد رؤية أجنبي لظفرها كأنّها بدت عارية أمامه، وتُلزم المرأة بوضع العباءة على رأسها، وهناك فتوى تُحرِّم على المرأة المسلمة التي ترتدي «عباءة الكتف « أي التي لا تضع العباءة على رأسها شمَّ رائحة الجنة،بل هناك من العلماء من ربط تغطية الوجه بالشهادتيْن، أي أنَّهم كفروا نساء الإسلام أجمعين على مر العصور والقرون بمن فيهن الصحابيات الجليلات باستثناء بعضهن اللواتي التزمن بتغطية وجوههن في عصور التراجع الحضاري، وآخرون أوجبوا عليها النقاب ولبس القفازيْن ، وهناك من يلزمها بتغطية وجهها وهي تؤدي مناسك الحج والعمرة مع أنَّ إحرام المرأة في وجهها وكفيها، وبعض المجتمعات الإسلامية حرَّمت الاختلاط، وحرَّمت على المرأة قيادة السيارة، وبناءً على مرويات ضعيفة أو موضوعة أو شاذة بنيت أحكام فقهية تحرم المرأة المطلقة من حضانة أولادها إن لم تتزوج على أن يُنزع منها أطفالها إن بلغ الذكر سبع سنوات، والأنثى تسع سنوات، وتطلق من زوجها بدون علمها إن رفع أحد إخوتها، أو أحد أولاد عمومتها دعوى قضائية لتطليقها من زوجها بدعوى عدم الكفاءة في النسب، ويُمارس شتى أنواع العنف ضدها بدعوى حق تأديبها بإذن من الله، حتى يوجد في كتب الفقه باب بعنوان « تأديب الزوجة « لمفهوم خاطئ لآية النشوز، وبني هذا الخطاب الديني والثقافي عن المرأة على مفاهيم وتفسيرات خاطئة لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالمرأة وبناء أحكام فقهية على تلك المفاهيم الخاطئة، وعلى مرويات موضوعة وضعيفة وشاذة تتعلق بالعلاقات الأسرية والزوجية، فنجد المفسر الإمام ابن كثير يستشهد في تفسيره لآية القوامة برواية موضوعة عن النبي، وهي «لا يُسأل الرجل فيما ضرب زوجته «، والإمام ابن كثير عاش في العصر المملوكي، وتأثره بالفكر السائد في عصره غلب عليه في تفسيره، فجعله يفسر آيتي القوامة والنشوز بما يناقض ما جاء في القرآن الكريم من مساواة المرأة بالرجل في الإنسانية، بل نجده يقلب معنى « قوَّام « إلى قيِّم « ، فيفسِّر قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضِ وَبَمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهمْ) أي الرجل قيِّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدبها إذا أعوجّت،فهنا قلب المعنى من قوَّام إلى قيِّم، وهناك فرق في اللغة بين معنى قوَّام، وقيم، فالقوَّام في اللغة : القائم بانتظام الأمور وتدبير الشؤون أي خُدّام،ويقول ابن منظور في لسان العرب : (الرجال قوامون على النساء) الرجال مكلَّفون بأمور النساء معْنيون بشؤونهن (جزء 12 ص 503، مادة قوم). للحديث صلة.