في الولاياتالمتحدةالأمريكية تصدر إحصائيات التوظيف عن كل شهر ميلادي من جهة رسمية واحدة دون أن تجد خلافًا حولها أبدًا. وكذلك الحال في كل دول العالم المتقدم! ولكن ما يحدث لدينا (وفي الدول العربية الأخرى) يصيب المتابع بالدوران وفقدان التركيز. وأما الباحث العلمي الذي يعتمد على هذه البيانات المتضاربة، فليعلم أن نتائج بحثه (فاشوش) وليفرمها في أكبر فرّامة ورق. وقد أحسنت جريدة الحياة (5 مايو) بالتعرض إلى هذه (اللخبطة) عبر توثيق صحفي للتصريحات الرسمية المتضاربة، ومنها: * تصريح لمدير عام صندوق الموارد البشرية يؤكد ارتفاع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى 1,4 مليون شخص. * حسب إحصائيات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فإن عدد السعوديين في القطاع الخاص لا يزيد عن 1,2 مليون شخص. * تصريح لوزير العمل عن توظيف 725 ألف سعودي في القطاع الخاص. لا ريب وأن توظيف مزيد من السعوديين هو إنجاز يستحق التقدير، والإشادة والفرح والسرور، لكن لا ريب كذلك أن دقة الإحصائيات هي إنجاز يستحق كمًا أكبر وأعظم من التقدير والإشادة والفرح والسرور. وإلى متى يظل الحال على ذلك؟ أليس بوسعنا اعتماد جهة رسمية واحدة، ولتكن محايدة تمامًا باعتمادها على الأرقام الموثقة! ولم لا تكن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، فهي تمتلك من البيانات ما لا يمتلكه غيرها، حتى الرواتب والبدلات والمميزات ومسميات الوظائف، ومتى سُجلت وكيف غُيرت عند الترقية، ومتى شُطبت عند الفصل أو الاستقالة. كل تلك البيانات عند التأمينات دائمًا محدثة مستحدثة لا مجال فيها للعواطف أو التصريحات العشوائية التي تسر السامعين، لكنها تؤذي النابهين. وحتى على مستوى مؤسسة التأمينات لا بد من جدولة إصدار هذه الإحصائيات، فقد تصدر مثلاً في ثالث أسبوع من الشهر القائم عن إحصائيات الشهر الفائت، حتى يمكن جمع البيانات ومراجعتها برغم أن المفترض أن تكون متاحة بضربة زر واحد. والمفترض كذلك أن تشتمل الإحصائيات أعداد من غادروا سوق العمل طوعًا أو كرها، وكذلك معدلات الرواتب، وتوزيعات الوظائف حسب القطاعات المختلفة مقارنة بين رواتبها ومميزاتها إلى آخر المنظومة الإحصائية المتكاملة. [email protected]