كرّم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة مساء أمس الفائزين الخمسة بمبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول في مجالات الشعر والقصة القصيرة والبحث العلمي في النقد والأدب والبحث العلمي في الثقافة الإسلامية بالتعاون مع النادي الأدبي الثقافي بجدة وذلك بمقر النادي. وألقى الدكتور خوجة كلمة قال فيها: «منذ أن سمعت بهذه المبادرة الكريمة (مبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول بالتعاون مع النادي الادبي الثقافي) بجدة تذكرت قصة عبدالرحمن بن حسان بن ثابت حينما لسعه زنبور وأخبر أباه الصحابي الجليل حسان بن ثابت بقوله: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة فقال حسان: قلت والله الشعر، تذكرت هذه القصة التي ترويها كتب الأدب لأني أراها كما يراها غيري ورآها حسان بن ثابت قبلنا جميعًا بأنها البيت الأول من الشعر لعبدالرحمن بن حسان بن ثابت، فالبدايات أيها الإخوة تأتي عادة كلمعة برق بين ركامات السحب أو كهطل صيب من السماء أصاب أرضا فاهتزت وربت وانبتعت من كل زوج بهيج فنفع الله بها الناس ولو مكثت حبيسة الدفاتر والمسودات أو رهينة الحواسيبب والملفات لما عرف المجتمع شيئًا عنها أو عن منشئها فاختفت أو تلاشت بتلاشي الرغبة في نشرها وإعلانها على الملأ، ويكشف لنا التاريخ أن الانسان ابتدع البيئة الثقافية لمواجهة بعض الظواهر البيئية الجغرافية أو الطبيعية ولو لم يبتدعها لظل أسير الطبيعة وظروف المناخ المتقلبة فالثقافة هي صنيع الإنسان عبر الأجيال، كما أن الإنسان صنيع الثقافة ولذلك فإن الأدب مثله مثل أي منتج ثقافي يمر بمراحل شبيهة بمراحل نمو الإنسان فإذا ما اجتاز مرحلة الطفولة حان له أن يخرج من حضن التربية والرعاية ليواجه العالم الخارجي فيؤثر ويتأثر، وأضاف خوجة: إن نشء اليوم وطلائع الكتّاب والمبدعين والمؤلفين ليحملهم الحظ أكثر مما حمل الشبان المبتدئين أيام توفيق الحكيم حينما غبط شباب ذلك الزمن على أنهم وجدوا الطريق أمامهم ممهدًا كما لم يجده في صباه مما حداه بأن يتوقع أن يصبح الأدب العربي أدبًا عالميًا على أيديهم حين ينقطعون إلى الكتابة وتظهر بينهم مواهب تمتاز عنه وعن جيله وها هو الأدب العربي بل الأدب السعودي يترجم إلى لغات عدة وكأن تنبؤات توفيق الحكيم استحالت إلى واقع نفرح به ونفاخر ونزاحم به الأمم، ولقد أضفى اكتشاب المطبعة على إنتاج الكتاب طابعًا صناعيًا أدخل صاحب الكتاب والناشر وصاحب المطبعة في تيار تجاري بعد أن كان النسّاخ يجهدون ليلهم ونهارهم في نسخ كتاب قد لا يقرؤه إلا الخاصة من القوم وتيسر على يدي المطبعة تكدس الطبعات تلو الطبعات على رفوف المكتبات بل إننا في زمن أسهمت فيه التقنية الحديثة بأن نسمع عن الكتاب يصدر في قطر من الأقطار فلا نلبث إلا زمنًا يسيرًا وإذا هو بين أيدينا في نسخة إلكترونية. إن تمويل الأعمال الأدبية كما يراه بعض المهتمين بالثقافة المجتمعية يؤثر في حركة الكتاب بشكل لافت سواء يطبع الكتاب وما يتبعه من تكاليف أو في الدعاية والترويج له أو في نشره وإخراجه للناس ولا شك في أن مشروعات التمويل كهذه المبادر الكريمة (مبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول بالتعاون مع هذا النادي العريق نادي جدة الأدبي) تؤثر في حركة الكتاب بل في حركة الثقافة كلها، واختتم وزير الثقافة والإعلام كلمته قائلا: ونحن نحتفل بالإصدار الأول هذه الليلة فإننا في الوقت عينه ننظر إلى الصناعة الثقافية إن جاز التعبير بعين من الحكمة والأناة فالكتاب الأدبي متنوّع تتنازعه الكثير من التخصّصات الدقيقة ولا يمكن الفصل بمعيارية بالغة في هذا الأمر لأنه يخضع للتنوّع الفكري الذي تحظى به بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية وهذا أيها الإخوة والأخوات نتيجة التنوع الاجتماعي الواسع الطيف في بلادنا الحبيبة الذي أنتج لنا أدبًا ثرًا ثريًا، وما من دليل على ذلك أبرز وأظهر من حيازة الكتاب السعودي على أرقام عالية في مبيعات المعارض الدولية للكتب وتنافس الناشرين العالميين على نشر الكتاب السعودي وكل ذلك يسير بجلاء إلى أن الكتاب يعيش فترة ذهبية ينبغي أن نستثمرها بالشكل الصحيح. كما ألقى رئيس مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية المهندس محمد عبداللطيف جميل كلمة قال فيها: «إن هذه المبادرة تعنى بتشجيع الناشئين من أصحاب المواهب الأدبية والعلمية من خلال مبادرات عبداللطيف جميل التي تحرص على الكشف عن الإبداعات الأدبية المتنوعة وإعطاء الفرصة للمتقدمين للترويج لأعمالهم ودعم الفائزين منهم بطباعة تلك الأعمال وتوزيعها لإثراء الساحة الأدبية في وطننا. وأكد أن سعي مبادرات عبداللطيف جميل لدعم وتشجيع المواهب الناشئة يحقق هدف المبادرة الرئيس وهو المساعدة في خلق فرص عمل للشباب والشابات في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن مبادرات عبداللطيف جميل للإصدار الأول تستهدف نتاجات الشباب المبدعين الذين لم يسبق لهم طبع أي من أعمالهم الإبداعية. عقب ذلك شاهد الحضور فيلمًا عن مبادرات عبداللطيف جميل ولجان التحكيم والأعمال المشاركة فيها والتي توزعت على امتداد مناطق المملكة المختلفة، ثم ألقى رئيس النادي الأدبي بجدة الدكتور عبدالله السلمي كلمة بيّن فيها أن النادي يحرص ألا يكون يومًا مبعث جفاء بين أقطار الوعي وأقطاب التأثير من مؤسسات ثقافية أو علمية أو تجارية أو خدمية وأن هذه الشراكة مع مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية تتجمل حسنًا وبهاءً وهي تربط بين قطبين كبيرين النادي الأدبي الثقافي بجدة ومبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية ومكمن الحسن فيها منطقة الالتقاء وهي الشباب تلك المنطقة التي تسعى مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة إلى أن تلبي طموحها وتكشف مواهبها وترعى إبداعاتها لتشكل منها جيلاً يبني وطننا ويفوح وطنية. ولفت النظر إلى أن هذا الاحتفال يرسم معالم الصلة بين النادي ورفقاء نجاحه وهو يجوس في مسارات الإبداع ، مشيرًا إلى أن مبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول التي رعاها وحدد مساراتها وتابعها النادي الأدبي بجدة هي كسر لحواجز التردد لدى المبدعين الشباب من المؤلفين ولن تتوقف وستنافس في معارض الكتب وستزاحم على الوصول لعقول المتلقين لما فيها من إبداعات. هذا وقد تم خلال الحفل إعلان أسماء الفائزين الخمسة بمسابقة مبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول والذين فازوا بفرصة طباعة إصداراتهم الأدبية والثقافة، وجاءت النتائج كالتالي: * الشعر: يحي عبدالهادي العبداللطيف.. عن ديوان بعنوان «أحيانًا.. يشتبهون بالوجع». * القصة القصيرة: خليل إبراهيم أحمد الشريف.. عن مجموعته القصصية «لايوجد مكان مناسب للموت». * المدّونات: وعد عابد خيمي.. عن «فوق ضجيج عقل» وهو عبارة عن نصوص متنوّعة. * البحث العلمي في الثقافة الإسلامية: سمية سراج حسن فتحي.. عن بحثها «ثقافة المجتمع في مواجهة الكوارث». * البحث العلمي في مجال الأدب والنقد: مشاعل عمر صالح بن جحلان.. عن بحثها «شعر الحياة اليومية في المجتمع السعودي المعاصر.. موضوعاته، أسلوبه، سماته، لغته، رؤاه واتجاهاته الفكرية». وحول الشراكة مع النادي الأدبي بجدة، قال الدكتور إبراهيم باداوود المدير العام التنفيذي لمبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية: إن هذا النادي هو صرح نفتخر بأعماله في المجالات الأدبية والثقافية، ولذلك فقد وجدنا أن نتشارك في مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية مع النادي من أجل أن نساعد هذا النادي في أن يقوم بدوره في تهيئة الفرصة لمبدعي الوطن وليكونوا معالم ثقافية متميزة على مستوى العالم العربي.