لدينا 26 جامعة حكومية، وتسع أهلية، وليس بينها ولا فيها ولا حولها، جامعة عبد العزيز الخويطر، خسارة أن نفقد قامة علمية خدمت التعليم، وخدمت الدولة، وخدمت المواطن، ولا نخلد ذكراه في جامعة تحفظ ذكراه وسيرته، خصوصاً عندما تكون مناقبه نفسها جامعة. صاحب أول دكتوراة سعودية، وستون سنة خدمة للدولة، وتسنمّ ست وزارات، منها وزارتا التعليم، والتعليم العالي، وتوفي رحمه الله وهو على رأس العمل، وزيراً للدولة، ومع ذلك لم يتم تكريمه بإطلاق اسمه على جامعة، إذن ماذا نريد لتكريم روادنا السعوديين؟ واحدة من هذه المناقب تكفي لإنشاء جامعة، لأن الجامعات تقوم على الدكاترة، وهذا عميدهم، وشيخهم، وانفتح باب الخير من بعده، إذن معايير التكريم لدينا صعبة وشحيحة. الفقيد عبد العزيز الخويطر جامعة متحركة، حتى لو بخلنا بإطلاق اسمه على إحدى الجامعات، رغم أن هذا من حقه، لكن أن يعمل مع اربعة ملوك، وينال ثقتهم، فهذا يعني أن لديه خصالاً تستحق النظر، ويمكن دراستها في رسالة دكتوراة، ولكن أريد تسليط الضوء على اثنتين منها، الأولى، البعد عن الإعلام، فالإعلام له أضواء، عندما تزيد تحرق صاحبها، وتجعل من حوله في حرج من التعامل معه، لأنهم يخشون سرقة الأضواء عنهم، لذلك عاش الفقيد في صمت، وعمل في صمت، وغادرنا في صمت، والثانية، يقال إن الصمت حكمة، وهيبة، ووقار، والفقيد الخويطر، استاذ الكلام الموزون، والمختار بعناية، يعطيك كلمات محدودة في مواضع محدودة. الطرفة التي تروى عنه في رفضه وهو وزير للمالية، معاملة وردت بتوقيعه، من وزير التعليم، ليست طُرفة، بل تحمل روعة الحساسية المفرطة لتعظيم الأمانة، توضح قدرة الرجال على لبس وخلع القبعات وفق ما تقتضيه أمانة الموقف، وله سلسلة (وسم على أديم الزمن)، 37 مجلداً، سرد فيها سيرته الذاتية، أميناً لسر كثير من الملوك، والوزراء، ومرافقاً لكبار الشخصيات، لكن لم يذع فيها قط سرّ أحد منهم، ولم يكشف مستوراً لمواقفهم، فكسب ثقة الجميع. #للحوار_بقية يقال عن المعلم، المرشد، القدوة أنه مدرسة، ولكن بعض الأشخاص، يتجاوزون وصف مدرسة، ليستحقوا اسم جامعة، لسعة علمهم، وتعدد مواهبهم، وجمعهم لمناقب أخلاقية، ومهنية، وإدارية جامعة.