من أفخر ما نفخر به منجزات رجال مكافحة المخدرات القياسية التي أريقت لتحقيقها دماء غالية ، فالحرب مع مستهدفي بلدنا و شبابه شرسة وطويلة وخدعها لا تنتهي ، وجهود الدولة والأجهزة الأمنية لمكافحتها غنية عن الإشارة والإشادة ، إلا أن الحقيقة التي تقف خلف كل العلل والمشكلات والأمراض هي أن (الوقاية خير من العلاج) ، و للبحث في شأن الوقاية إذا تناولنا الأسباب المتعارف عليها والمؤدية للانزلاق في مستنقع الإدمان كالجهل إجمالاً والجهل بأخطار تعاطي المخدرات وضعف الوازع الديني، والتفكك الأسري والخلل التربوي بانشغال الوالدين عن الأبناء ، وعدم وجود الرقابة والتوجيه ، والتنشئة الاجتماعية غير السوية و الفقر والأمية أو الثراء الفاحش ورفقاء السوء وأخيراً البطالة والفراغ ، فإننا نجد بشيء من التأمل المقارن أن البطالة والفراغ هما الجوهر الحقيقي لباقي الأسباب ، فلو كافحنا البطالة والفراغ مكافحتنا للمخدرات لنشأ الشباب ذوي شخصيات متوازنة ولتمتعوا بوعي يكفي لتجاوز الأسباب الأخرى دون تبعات أو ضرائب . الشاب الذي لا يجد ملاذاً ترفيهياً ومتنفساً صحياً لطاقاته سيشعر بالدونية والإحباط وسيتناول أول قرص من أي مصدر انتقاماً من الواقع أو حنقاً على المجتمع أو قتلاً بطيئاً للذات . و بدون وجود أندية رياضية و اجتماعية و ثقافية يرتادها كل شاب مجاناً أو برسوم رمزية يمارس فيها هواياته و يصرف فيها طاقاته و يدير فيها حوارات نقية واعية و يشعر خلالها بالرضا و التعزيز و أنه جزء مهم من المجتمع والوطن و يتعرف خلالها على دوره المجتمعي والوطني ، بدون هذا ستستمر الحرب ضد المخدرات و تزداد شراسة ، وسنقبض على الأغلب وربما يفلت منا كثير لكن هذا الفالت حين يلاقي شبابا واعيا متزنا واثقاً من نفسه محباً لمجتمعه ووطنه لن يجد لبضاعته زبائن . والبطالة ليس خطرها أن العاطل لا يستطيع شراء ضروريات الحياة فقط فتبعات الشعور بالعجز الذي يضطر العاجز لعقد المقارنات بين قدراته وقدرات المترفين من أبناء الذوات و المليارات و الواسطات و سيشكل الأمر خطراً نفسياً و مجتمعياً كبيراً . مكافحة الفراغ والبطالة يجب أن تكون بنفس القوة التي نكافح بها المخدرات ، وحين ننجز منشآت تحتضن شباب الوطن وتتيح لهم ممارسة الأنشطة المفضلة ثقافياً و رياضياً و تذيبهم في مجتمعهم شركاء فاعلية إيجابيين كأطراف علاقة حب عميق من طرفين علينا أن نفخر بهذا كما لو وقعت مافيا المخدرات في قبضة أمننا . @511_QaharYazeed [email protected]