عجبت سلمى وذاك عجيب لقد رأت بي شيبًا عجلته خطوب وما شيبتني كبرة غير أنني بدهر به رأس العظيم يشيب تداعت لي هذه الأبيات المنسوبة للشاعر دعبل الخزاعي بعد أن رأيت بياض الشعر وقد تمدد في مساحة كبيرة من رأس الرئيس الأمريكي (أوباما) الذي كان قبل توليه منصب الرئاسة مكسوا بالسواد، الأمر الذي جعل من الشطر الثاني من شعر "دعبل" ينطبق عليه تماما، فهو "بدهر فيه رأس العظيم يشيب". دعونا من الدراسات العلمية التي تؤكد بأن شعر الإنسان بطبعه أبيض، وأن هناك مواد صبغية في بصيلات الشعر هي التي تعمل بدورها على إعطاء الشعر اللون الأسود، أو الأشقر، وهي صبغة الميلانين الموجودة في بصيلات الشعر ومع تقدم السن يقل إفراز هذه الصبغة الملونة فيعود الشعر إلى لونه الأساسي ال(أبيض)، ودعونا أيضا من الخلاصة المتشائمة التي تقول بأن "الشيب إنذار بوصول قطار الحياة لمحطته الأخيرة وعلى الركاب التهيؤ للنزول"، ومن قول قيس بن عاصم "الشيب توأم الموت"! فأنا من أنصار أولئك الباحثين الذين توصلوا إلى أن شيب الرأس من علامات الإجهاد والضغوط النفسية ولا يقاس بعمر الشخص، يقول أبي فراس: وما شبت من كبر ولكن لقيت من الأحبة ما أشابا ويقول الله تعالى في محكم تنزيله "فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا" وذلك من شدة هول يوم القيامة وعذاب النار، خوف وفزع، وتقول العرب في اليوم الشديد "يوم يشيب نواصي الأطفال" وهو مجاز . ولقد عانى كثير من الشعراء من هجر خليلاتهم بعد أن غزاهم الشيب، فما كان منهم إلا أن يهجوا الشيب، ويتحسروا على الشباب، لكن بعضهم لم يستسلم، كالشاعر دعبل بن علي، الذي أوضح بأن الشيب لا يعني انتهاء صلاحية بني جنسه، فقال مخاطبا النساء: شيب الرجال لهم زين وتكرمة وشيبكن لكن الويل فاكتئبي لكن فينا وإن بدى أرب وليس فيكن بعد الشيب من أرب وفي عالمنا هذا المليء بالأحداث، والذي ترا ق على أكبر مساحة من أرضه الدماء، لابد وأن تستقبل فيه الرؤوس ذلك الضيف الفضي، ليستعمر ويحتل ما بقي فيه من سواد. [email protected]