أبرز ما لفت نظري في زيارة المشير عبد الفتاح السيسي لموسكو في نهاية الأسبوع المنصرم، ليس هو ما خرج به وزير الدفاع المصري من نتائج، بل ما أحدثته الزيارة من رد فعل أمريكي تجلى في ما جاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف التي رفضت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، وقالت إن اختيار الرئيس المصري المقبل ليس من شأن بوتين.. ونفت أن يؤثر التقارب بين القاهرة وموسكو على العلاقات "القديمة والقوية والتاريخية مع مصر". *** ودعنا نؤكد بداية أن زيارة المشير عبد الفتاح السيسى لروسيا ذات أهمية قصوى فى تاريخ العلاقات المصرية الروسية، إذ تحمل مؤشراً كبيراً على أنها زيارة سوف تُدخل العلاقات الروسية المصرية منعطفاً جديداً يُحيي الروابط المميزة التي حكمت البلدين، خاصة في حقبة الاتحاد السوفيتي. لذا فرغم محاولة واشنطن التخفيف من أهمية هذه الزيارة وانعكاسها على العلاقات المصرية الأمريكية إلا أن ما يحمله تصريح الخارجية الأمريكية يحمل أبعاداً أكبر مما حاولت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية التقليل من تأثيره على علاقاتها مع القاهرة، أو القفز من فوقه. *** زيارة المشير السيسي تتجاوز في رأيي قضية دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوزير الدفاع المصري في انتخابات الرئاسة المصرية التي نوافق أمريكا بأنها مسألة مصرية خالصة تخص الشعب المصري وحده لا علاقة لواشنطن ولا لموسكو بها. فإضافة إلى تأثيرها المستقبلي على العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة فإنها تحمل تأثيراً أكبر على العلاقات بين الولاياتالمتحدة والدول العربية قاطبة. فرغم أن المشير السيسي لم يتطرق في زيارته إلا للعلاقات المصرية الروسية كما نعتقد، إلا أن الزيارة تحمل واقعاً جديداً تعيشه معظم الدول العربية في علاقاتها مع واشنطن منذ أحداث ما يُعرف بالربيع العربي 2011 الماضي، وعزل الرئيس السابق محمد مرسي.. وثورة الثلاثين من يونيه 2013. *** لقد علق المصريون، والعرب إجمالاً، أو على الأقل كانوا يعلقون، آمالاً عريضة على الرئيس باراك أوباما، خاصة بعد خطابه الشهير في جامعة القاهرة الذي حظي بترحيب عربي كبير. لكننا نشهد اليوم تراجعاً بنفس حدة الإقبال التي أظهرها العرب تجاه الرجل، وفتوراً بالترحيب به أو الاهتمام بزيارته لهذه الدولة أو تلك من الدول العربية بعد أن تبخرت كل الوعود على أرض الواقع. لذا فيمكن اعتبار زيارة المشير عبدالفتاح السيسي لروسيا مُؤشِّراً لاتجاه جديد في العلاقات المصرية الأمريكية، والعلاقات العربية الأمريكية بوجه عام، أو علي الأقل رسالة يحملها المشير السيسي باسم مصر ومعظم الدول العربية إلى واشنطن بأن الكيل قد فاض، وأن على الولاياتالمتحدة مراجعة مواقفها من القضايا العربية. نافذة صغيرة: (لدى العرب الكثير من المودّة تجاه الولاياتالمتحدة، ولكن هناك العديد من القضايا العالقة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والولاياتالمتحدة، وفي مقدمتها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومسألة الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية.. نحن بحاجة إلى علاقة متينة وبنّاءة ومُتكافئة مع الولاياتالمتحدة).. عمرو موسى، المرشح السابق للرئاسة في مصر. [email protected]