تعتبر ميزانية الدولة للسنة المالية 1435/1436ه، التي اعتمد لها مبلغ قدره (855) مليار ريال سعودي، غير مسبوقة وكبيرة، وأشاد الجميع بها وعلقوا عليها الآمال لتحسين معيشة المواطن والقضاء على المعضلات الأزلية التي تواجهه، ولمعت الصحافة المحلية واشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي بآراء مختلفة حيالها. ولكن بعد انتهاء ذلك كله، فلنتحدث بواقعية وشفافية عن آليات التنفيذ في قطاعاتنا الحكومية ، لتكون فعلاً ميزانية خير وبركة. آخر ثماني ميزانيات للدولة، تقريباً، كانت كلها غير مسبوقة وارتفع معها سقف التوقعات لدى المواطن، وتعلقت عليها الآمال للقضاء على جميع المشكلات التي يعانى منها. ولكن مع مرور أيام السنة والاقتراب من نهايتها، نجد بأن بعض المشكلات بقيت كما هي دون أن تحل، رغم ضخامة الميزانيات. فالصحة والتعليم مثلاً لم يطرأ تحسن ملحوظ عليهما رغم أن لهما نصيباً كبيراً من كل ميزانية، وأزمة السكن والمشاريع المتعثرة وغيرها من المشكلات التي لم تتغير ولم تحل. وفي نهاية السنة، يتم ترحيل ذات المشكلات إلى السنة المالية التالية لنجد أيضاً ميزانية غير مسبوقة، وهي تواجه ذات المشكلات الموجودة دون أن يتم حلها بالشكل الكامل، ليتم ترحيلها أيضاً إلى السنة التي تليها، وهكذا. إذن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تبقى بعض المشكلات الأزلية كما هي ولم تتم معالجتها؟ وهذا سؤال مشروع، لأنه عندما تكون ميزانية أو ميزانيات بهذا الحجم ولا تحدث التغيير المطلوب في تلك المشكلات ، إذن بالتأكيد هناك خلل بالتنفيذ . ولا عذر لأحد بعد أن قال خادم الحرمين للمسؤولين بأن الميزانية قد خرجت من ذمته وذهبت لذمتهم، وبالتالي هم المسؤولون عنها وعن حل تلك المشكلات الأزلية التي يعاني منها المواطن. وبعد هذه الأمانة من خادم الحرمين، فعلى المسؤولين الإجابة على السؤال المذكور، لأنه مع وجود المشكلات كما هي دون حل، من المؤكد أن الميزانية تصرف على أمور أهم -من وجهة نظر المسؤول- من المشكلات الأزلية الموجودة لدينا. نأمل بأن يتم تقديم بيان بالأعمال في نهاية السنة المالية من كل قطاع حكومي بالمشاريع التي تمت ومصاريفها، لمعرفة ما إذا كانت الميزانية المخصصة لذلك القطاع قد صرفت فعلاً في الأمور الملحة التي يعاني منها المواطن أم لا، وما هي الأمور الأهم من مشكلاتنا الأزلية التي لم تحل والتي صرفت عليها الميزانية، حتى لا ترحل مشاكلنا كل سنة إلى السنة التي تليها وتبقى دائماً مشكلات أزلية. [email protected]