افتتح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، وبحضور الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل، مساء أمس، برنامج احتفالية نادي جدة الأدبي بمناسبة مرور أربعين عامًا على تأسيسه كأول نادٍ أدبي في المملكة. وقال رئيس مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي في كلمته: أهلا بكم في رحاب ناديكم الذي تأنق لاستقبالكم بعد أن تألق أربعين عامًا بالعطاء بدأت في بواكير ربيع ألف وثلاثمئة وخمسة وتسعين للهجرة وقبل أربعين عامًا وشهر من اليوم.. في يوم ذاك ولد هذا النادي وانبعثت فكرة ولادته من رأس أديب شاب وأمير مسؤول هو صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله ففي حديثه مع الأديبين محمد حسن عواد وعزيز ضياء في الرياض دار الحوار عن همّ الأدب وطموح الأدباء فكان حديثًا بين ثلاثة يجمعهم همْ الاضطلاع بدور ريادي لمملكة ودولة تستحق أن تكون رائدة على المستوى الثقافي والفكري والأدبي.. قال العواد: كان الأمير فيصل يتحدث معنا في مكتبه في الرئاسة العامة ثم انتقلنا من مكتبه إلى قصر والده في طريق الدرعية وفيما بين المكانين تمت الفكرة السعيدة بتأسيس هذا النادي في جدة.. كان الإحساس بوجود أندية أدبية يبرز في ألفاظ سموه ومشاعره وأفكاره حماساً ملتهباً وإيماناً متدفقاً وقبل أن تغرب شمس ذلك اليوم وخطاب سموه الرسمي يحمل الموافقة على إنشاء النادي الأدبي بجدة موجهًا لي ولضياء يزفه لنا بأمنياته للنادي ومؤسسيه بالتوفيق. وأضاف الدكتور السلمي: هذا النادي العريق هو أحد معالم الإبداع فيها يحج إليه الأدباء ويقصده النقاد والشعراء ويولد في جنباته الإبداع لقد كان هذا النادي هو الهدية الثقافية من الدولة رعاها الله لهذه العروس طوّق به جيدها أمير الشباب الراحل ليبلور من خلال النادي معنى الشباب ويجسّد الصلة بين الرياضة والثقافة لأنهما في ميدان واحد وهدف واحد وفعلا كان النادي ومازال وسيظل منبراً يستظل من يؤوى إليه من هجير الأمية بوارف عبارات أمراء البيان وإذا كان النادي الأدبي الثقافي بجدة يحتفل اليوم بالزمن فإنه يسابق الزمن أيضًا ليحقق أهدافه ورسالته وقد فعل شيئًا وربما لا يسمح المقام برصد المنجزات تفصيلا ولكن في العرض المرئي بعد قليل ما يضيء ذلك وهذا العطاء شاركت فيه المرأة جنبًا إلى جنب فالنادي فتح أبوابه لها مبكرًا وكانت أول عضوية يمنحها للمرأة قبل ثلاثين عاما للأستاذة الأديبة اعتدال عطيوي. واختتم السلمي كلمته بالقول: إذا كنا نحتفل اليوم بأربعين عاما من العطاء فهو احتفال ببلوغ الأشد لنتخذ من هذه اللحظة محطة تزوّد لاستشراف المستقبل والنظرة الفاحصة لمنجزات النادي التاريخية تقييما وتقويما ولنبني مسار القادم على هدى من وحي الماضي متجهين للجيل الشاب فهم أحق الناس بالتوجيه الثقافي الصحيح وأود أن أختم كلمتي بالشكر لقيادة هذا البلد أولا وأخيرا ولسمو أمير المنطقة الشاب الطموح الأمير مشعل بن عبدالله الذي نطمح أن سيتمم مابناه معنا وفينا ولنا الأمير المبدع خالد الفيصل والشكر موصول لسمو محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد وأما رؤساء وأعضاء إدارات النادي عبر تاريخه المديد فالامتنان والعرفان لهم بالفضل ابتداء من العواد وضياء فالقرشي فأبو مدين فالقحطاني كما أشكر معالي وزيرنا المحبوب الشاعر عبدالعزيز خوجة والنائب الدكتور عبدالله الجاسر والوكيل الدكتور ناصر الحجيلان ولمديري الإدارات العامة للأندية وللأمير الشاب وأمير الشباب الأمير نواف بن فيصل بن فهد. بعد ذلك تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرة النادي. ثم ألقى وزير الثقافة والإعلام كلمته، قائلا: نلتقي في هذه المناسبة الثقافية لنقف على مختتم أربعة عقود من الزمن نسترجع فيها إضاءات لأول طلائع بدايات المؤسسات الثقافية في بلادنا ذلك الميلاد الحاضر في ذاكرتنا حين اجتمع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز رحمه الله رئيس رعاية الشباب في ذلك الوقت بمجموعة من أدباء وطننا الغالي في محاولة لإيجاد مؤسسات ثقافية ترعى الشأن الثقافي فكان ميلاد فكرة إنشاء هذه الأندية الأدبية. وكعادة الأحلام الكبيرة إذا ما هلّت بشائرها فقد قفل الأديبان الكبيران الأستاذ محمد حسن عواد والأستاذ عزيز ضياء رحمهما الله وهما يزفان بين يديهما بشرى الموافقة الرسمية على إنشاء نادٍ أدبي في جدة وكذلك زف البشرى ذاتها إلى أهالي مكةالمكرمة بإنشاء ناديها الأدبي كل من محمد حسن فقي وإبراهيم فودة وأحمد السباعي وتوالت البشرى في مدن المملكة الرئيسة بإنشاء أندية أدبية في المدينةالمنورةوالرياض والطائف وجازان لتشكل نواة لستة عشر ناديا استوت على سوقها وآتت أكلها. وأضاف الدكتور خوجة: ماذا يعني أن يكون المرء أدبيا؟ لعل السواد الأعظم منا قرأ لأديبنا الكبير محمد حسن عواد خواطره المصرحة وقرأ كذلك آماسه وأطلاسه وربما حوّم معه على قمم الأولمب ولعلنا نعلم أن عزيز ضياء كان أديبا وكاتبا وكان إذاعيا كذلك قرأنا سيرته الشهيرة (حياتي مع الجوع والحب والحرب) وقرأنا قصصه وترجماته المتعددة المشارب عرفنا كل ذلك عنهما لكن قلة من الناس من يعرف أن الشاعر الكبير محمد حسن عواد تنقل في وظائف متعددة حتى انتهى به المطاف رئيسا للغرفة التجارية بجدة وأن الأديب الكبير عزيز ضياء كان موظفا تدرج في عدة مناصب حكومية نسينا وظائفهما مع كل ما تتضمنه الوظيفة والمهنة من أهمية في تطور الأمم ونهضتها التي لا تُنْكَرُ إلا أن الذي نذكره لهما الآن ميراثهما الثمين لهذا البلد، وللإنسانية من أشتات الأدب وفنونه الذي نتعلمه ونقرأه ونربي أبناءنا على تعليمه وقراءته وحفظه فهذا هو الأدب والثقافة يبقيان بعد أن يذهب كل شيء والأديب هو ذلك الكائن المتنوّع الذي من الناحية المهنية ينتج عملا بوصفه ملتزما بمجتمعه الذي يقطن فيه ويبقى في نفس الوقت على العلاقة الحميمة التي يقيمها مع الكتابة والتأليف والإبداع بشتى أشكاله وأنواعه. وتابع وزير الثقافة والإعلام قائلا: إن احتفالنا هذه الليلة بمرور أربعين عاما على إنشاء أول نادٍ أدبي بالمملكة يزيد من عبء المسؤولية الأدبية والالتزام الأدبي على كل أديب فقد كان لروادنا من الأدباء أنديتهم التي صاغوا كيفيتها بأنفسهم فالمركاز الذي يحتضنهم في المقاهي آنذاك أمسى منتدى أدبيا ومجلسا من مجالس العلم يغشاه مريدو الثقافة والأدب فدور المثقفين ليس في إنتاج الأدب والثقافة وحسب بل الأهم من ذلك إنتاج المؤسسات والجمعيات الوطنية والأهلية ولا أدل على ذلك من مركز طبي كجمعية الإسعاف الخيرية في مكةالمكرمة حينما ضجت قاعتها بل فاضت بجمهور غفير في أمسية أحياها أديب شاب لم يبلغ الثلاثين من عمره وهو حمزة شحاتة في محاضرته الشهيرة (الرجولة عماد الخلق الفاضل). ما أحرانا الآن ونحن نتذكر أولئك القوم وقد أبوا إلا أن يكونوا من عصبة الأدباء ورضوا بأن تطالهم حرفة الأدب وأنعم بها من حرفة.. أقول ما أحرانا أن نتخيّل محمد حسن عواد وعزيز ضياء وعبدالله بن إدريس وعبدالله بن خميس وحمزة شحاتة وأحمد السباعي ومحمد حسن فقي وإبراهيم فودة وأبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري وحسن القرشي وعبدالفتاح أبومدين والاستاذ الدكتور عبدالمحسن بن فراج القحطاني.. رحم الله من مات منهم وحفظ لنا البقية الباقية ومد في أعمارهم، نتخيلهم وقد ملأ نفوسهم الزهو بما ورثوه لنا من شعر وقصة ومسرح ومقالة وبما بذروه من زرع للثقافة والأدب وقد أينع وأثمر وما ذلك إلا أثارة سعيهم في حقبة مهمة من تاريخنا الأدبي والثقافي نجني اليوم بعضا من ثماره ونتفيأ ظلاله. واختتم الدكتور خوجة كلمته قائلا: إنها الأربعون التي تتوّج نادي جدة الأدبي الثقافي طليعيا ومبرزا وصاحب سبق في تعزيز دور الهوية الثقافية والأدبية في تنمية الوحدة والانتماء الوطني ليصبح بذلك ملاذا مفتوحا لجميع مثقفي ومثقفات جدة هذه المدينة الحالمة وتشجيع المواهب الأدبية ورعايتها كما قدم النادي عددا من الإنجازات طوال مسيرته الأربعينية في إصدار كم كبير من الكتب والمطبوعات بجانب الدوريات المتخصصة وبالإضافة إلى الأنشطة المنبرية المنتظمة كالمحاضرات والندوات والأمسيات والملتقيات التي نذكر منها على سبيل المثال ملتقى»قراءة جديدة في تراثنا النقدي عام 1409ه» وملتقى قراءة النص السنوي على مدى اثني عشر عامًا ابتداء من عام 1420ه. ولم تأل الدولة جهدًا منذ بواكيرها في دعم المشهد الثقافي ماديا ومعنويا ومن ذلك الدعم السخي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأندية الأدبية بواقع عشرة ملايين ريال لكل نادٍ فالدولة -حرسها الله- لم تترك وسيلة إلا وحاورتها ولم تدع مناسبة إقليمية أو دولية إلا وكان لها الحضور اللائق من خلال مثقفيها الذين شكلوا وعلى مر تاريخ هذه البلاد العزيزة هذه الكوكبة الطليعية على مستوى الوطن العربي. رحم الله فارس هذه الأمسية الحاضر الغائب الأمير فيصل بن فهد وجزاه الله خير الجزاء وشكرًا لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد على حضوره والذي ورث الصفات الحميدة من والده رحمه الله ومنها المسؤولية الكبيرة وشكرا لكل من أعطى من وقته وماله وجهده وعمره لكي يقوم هذا الكيان وشكرا لمثقفي جدة عبر تاريخ النادي وشكرًا لكم أيها الحضور. بعد ذلك ألقى الشاعر علي الشريف قصيدة بعنوان «أربعون نادي جدة الأدبي» جاء من ضمن أبياتها: جدة الحسن غير كل المدائن يا لهذا الشذى وهذه المفاتن جدة السحر زينتها فتون ترسم الوجد والمنى والأماكن جدة الحلم كم مداها بعيد ترمق النجم تهتديها الظعائن جدة الحسن كل حلم لديها شاعريٌّ يصاغ من كل شادن يا مساء النوارس البحر يزجي أغنيات وأمنيات السفائن وبعد هذه القصيدة، جاءت كلمة المكرّمين من رئيس النادي الأسبق الأديب عبدالفتاح أبو مدين والذي اشار فيها إلى أن احتفال أدبي جدة بمناسبة مرور أربعة عقود على انشائه والفضل بعد الله يعود للأمير الشجاع فيصل بن فهد رحمه الله، منوّهًا بما قدمه عبدالله الشهيل مدير عام الأندية الأدبية سابقًا والذي كان معينًا للأندية. كما نوّه أبو مدين بانفتاح أدبي جدة خلال مسيرته على الوطن العربي يدعو البارزين من أعلام الثقافة، كما أن نادي جدة الأدبي أول من فتح زاوية للأخوات ليشاركن بالرأي والحوار والحديث، واصفًا هذه المشاركات بأنها كانت مكسبًا بإعطاء المرأة بعض حقها في المعرفة. كما تحدث أبو مدين في كلمته عن ما قدمه النادي خلال العقود الماضية من عطاءات أدبية عديدة. هذا وقد صاحب الاحتفال عرض «الخيمة الثقافية الفنية» والتي عُرض بها بعض الأعمال التي توثق للمناسبة، وشملت وثائق وصور ومقتنيات قديمة.