تطلعنا وسائل الإعلام بين فترة وأخرى عن بعض ما تتعرّض له العمالة المنزلية الوافدة من سوء معاملة من بعض مكفوليهم، سواء باحتجازهم لمدة طويلة أو عدم تسديد رواتبهم أو الاعتداء عليهم بالضرب وغيره. والملفت أنه لم يكن لدينا -حتى مدة قريبة- أي نظام خاص لتنظيم عمل العمالة المنزلية ويوضح حقوقهم وواجباتهم من جهة وحقوق وواجبات مكفوليهم من جهة أخرى، حيث إن نظام العمل السعودي يستثني خدم المنازل بشكل صريح من الخضوع له، وظل الأمر محكومًا بالعقود الموقّعة معهم قبل قدومهم إلى المملكة، والتي لم تكن -في غالبها- تُحترم -مع الأسف- من قِبَل العديد من مكفوليهم، لكون أن العديد من الكفلاء وحتى العاملين لم يطّلعوا عليها ولا يعلمون ما هو وارد فيها من الأساس!!. وإن كان من المحزن ما تتعرّض له العمالة المنزلية من ظلم جائر في بعض الأحيان من البعض، إلا أن المحزن أكثر هو استهجان البعض لصدور لائحة عمّال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، والتي صدرت مؤخراً بعد طول انتظار، وما تضمنته من مواد، والتي منها: حق العاملة أو العامل المنزلي في إجازة أسبوعية لمدة يوم واحد، بالإضافة إلى الحصول على راحة يومية لمدة (9) ساعات وغيرها، مدّعين بأن اللائحة أعطت حقوقا كثيرة للعمالة المنزلية، وكأننا نحن الذين نعمل لديهم وليس العكس! متناسين أنهم بشر وما تضمنته اللائحة يعتبر أبسط حقوقهم. وهذا الهجوم على اللائحة ليس مستغرباً من البعض، لكون أن العديد لدينا يعتقدون بأن من واجبات العمالة المنزلية أن تعمل ليل نهار دون توقف، فتجد بعض العمالة المنزلية، خصوصاً الخادمات، تعمل لقرابة (18) ساعة يومياً، ناهيك عن عدم الحصول على إجازة أسبوعية ليوم واحد في الأسبوع. وبعد كل هذا، نجد البعض لا يعطي العامل أو العاملة المنزلية أجرهم في نهاية الشهر أو يماطل في تسديده لعدة أشهر. ولذلك، لقد أحسنت الدولة صنعاً بإصدار اللائحة ليكون واضحًا للجميع حقوق وواجبات كل طرف، سواء كانت العمالة المنزلية أو مكفوليهم، حتى لا يتم استغلال العمالة المنزلية من البعض بشكل يجعل عليهم واجبات فقط دون أن يكون لهم أي حقوق، وكأنهم ليسوا بشرًا. وحتى إن كان البعض يُعلّل القسوة في التعامل مع العمالة المنزلية بحجة أن بعض تلك العمالة قد هربت بعد وصولها مباشرة وأن المصاريف التي تكبّدها لإحضارهم قد ضاعت أو أن بعض العمالة المنزلية قد ارتكبت العديد من الجرائم وغير ذلك من الإدعاءات، إلا أن ذلك لا يُعطينا الحق -بأي حال من الأحوال- لإساءة معاملة العمالة أو الجور على حقوقها وحرمانها منها أو الاعتداء عليها بأي طريقة كانت. وإذا كان هناك مشكلة من بعض الجهات الحكومية في إنصاف بعض مكفولي العمالة المنزلية الذين ضاعت حقوقهم، فإن ذلك لا يُعطينا الحق بأخذ حقوقنا بأيدينا، وكأننا لا يوجد أنظمة لدينا. إن العمالة المنزلية تعاني لدينا من البعض الذين يسلبونهم حقوقهم بدون وجه حق!!، ونأمل بأن يتم تطبيق اللائحة الجديدة بشكل صارم لتكون كفيلة بحماية حقوقهم، بالإضافة إلى حقوق مكفوليهم. [email protected]