من وجعي أكتب إليكم.. من الأحلام التي أتمناها في بلادي أكتب إليكم.. أحلم أن أقف أمام كاتب عدل في كتابة العدل لشراء أو بيع ممتلكاتي، وأنهي إجراءاتي دون أن يباغتني بسؤال: "فين المعرف"؟. والمعرّف أيُّها القارئ العزيز هو مَن "يعرّفك على نفسك". كلما مر عليَّ الموقف، أنظر إلى الهوية الوطنية التي أحملها، والشريحة التي تحمل معلوماتي، حتى في هذا العمر لم يشفع لي الشيب الذي غزا رأسي، والتجاعيد في زوايا عيني؟! نظرت إلى المرآة ربما لأتأكد من معرفتي بنفسي، يبدو أنني في تلك اللحظة كنت قطرة من مطر، تبحث عن أرضٍ ما. أكتب إليكم وأتلفح بطقس الأمل عندما تجمدت كلماتي أمام كاتب العدل، وأقفل كتابه وأوراقه وأبوابه.. لأني أنثى، ولا يوجد معي مُعرّف يُعرّفني على نفسي، أحسستُ بوحدة عجيبة، وغضب عميق، ظَهَرَت عندي رغبة في مُجادلته، تذكرتُ أنني تجاوزت الخمسين، فعدلت عن ذلك واكتفيتُ بالانسحاب من مكتبه أبحث عن مَن يُعرّفني! كانت فكرة رفض هويتي الوطنية تمزّقني، الموقف أحيانًا يضعك في عزلة قهرية تمنحك رؤية جديدة تتعدّى التفكير.. فرصة لمراجعة شاملة. ارتَطَمَت أحلامي في طرقات مبنى كتابة العدل بمتاريس أقوى من الصخر مصنوعة من أجساد، وأنا أبحث في طرقات المبنى على مَن يُعرّفني! أبحلق في الواقف والجالس، أنظر إلى نفسي، إلى حقائق بديهية، أليس محزنًا حقًّا أن أدخل مكتب كاتب العدل لأكتشف ما أكتشف أنني لا أعرف نفسي؟!. يسقط خلف التلال كدم ينزف من جرح مفتوح، فقد حُكم عليَّ أنني «أنثى» في مجتمعي بالرغم أنني في خليجنا الواحد يتعرّفون عليَّ بمعلومات هويتي الوطنية.. أسئلة أمضغها تحت لساني، فينتابني إحساس بأنني مجرد نكرة، كأنني أُكلِّم نفسي.. هل فعلاً أكلّم نفسي؟! وأنا أغادر مبنى كتابة العدل، نظرتُ في المرآة لأتعرّف فيها على نفسي، أدرتُ بعد ذلك روحي من جديد لمواجهة حياة لا تكف عن شد أطرافنا، أسرح بين البشر، ونظرتُ إلى السماء لعلّها تمنحني القوة من جديد، أصبحت أضرب لنفسي موعدًا كل يوم لألتقي مع ذاتي، وأدخل في أعماق نفسي بهدوء وطمأنينة لأتعرّف على نفسي. [email protected]