مترو الرياض مشروع جبار، سيكلّف الدولة والوطن أكثر من 80 مليار ريال، وهي تكلفة في محلّها بشروط من أهمها إقبال الناس على استخدام عرباته، والانتظام في محطاته. أما وإن بقي للفقراء والمحتاجين وغير القادرين على شراء سيارة، ولو (مقربعة)، فسيفقد المشروع أهم خصائص نجاحه، ولن يحقق أحد أهم أهدافه، بل الهدف الأهم إطلاقًا. التخفيف من حدة الازدحام هو الهدف الأساس الذي تُبنى عليه مشروعات النقل العام، ثم تلي ذلك أهداف كبيرة لا تقل أهمية مثل الحد من استهلاك الوقود بنسب عالية، خاصة في بلادنا التي يستنزف الفرد فيها أربعة أو خمسة أضعاف مثيله الأوروبي أو الآسيوي، ممّا يُشكِّل هدرًا للسلعة الوحيدة التي يتكئ عليها اقتصادنا الريعي. ومن الأهداف السامية الأخرى التخفيف الملحوظ من تلوث البيئة الناتج من عوادم أكثر من مليون سيارة تجوب شوارع الرياض، ولمسافات طويلة، بحكم تباعد المواقع الذي أشاع وجود مساحات هائلة غير مستغلة. قبل أن ينتهي المشروع بسنة، أو 8 أشهر لا بد من إطلاق حملة ترويجية ضخمة للتشجيع على استخدام المترو. ولكي تكون الحملة ناجحة لا بد من وضع خطتها منذ الآن وتطويرها تدريجيًّا لتكون جاهزة في الموعد المضروب. هذه ليست قضية ثانوية كما يظن البعض بحيث يمكن تأجيلها إلى حين انطلاقة أول عربة تحمل الركاب إلى حيث يرغبون. مشكلتنا أن الصورة الذهنية الأولى ترسخ في العقول والصدور، ويصعب تغييرها بسهولة، وليس من الجيد أن تترسخ لدى عامة الناس فكرة أن هذا المشروع مخصص لخدمة العمالة الوافدة البسيطة، إضافة إلى عدد من المواطنين الفقراء والمحتاجين. وإذا حدث ذلك فستنصرف الطبقة الوسطى (وهي الأكبر) عن استخدام المترو، ممّا يعني فشلاً ذريعًا على كل الأصعدة. بالنسبة لي أود رؤية الوزراء ونوابهم ووكلائهم وكبار مسؤولي الشركات والشخصيات الاجتماعية المرموقة من ضمن الركاب لا لمجرد الدعاية، وإنما بمحض القناعة. أريدهم نماذج جميلة حتى تنجح الفكرة الجميلة. [email protected]