أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) برنامجاً لدعم جهود التخفيف من تَغيُّر المناخ في القطاع الزراعي لدى البلدان النامية. وساهمت فنلندا كأوّل بلدٍ ب 60 مليون دولار. ويرمي البرنامج الذي يعتمِد على موارد متعدّدة للتبرّعات، إلى الترويج للممارسات الزراعية المُستدامة، وذات المستويات المنخفضة من عوادم الغازات لدى البلدان النامية على مدى السنوات الخمس المقبلة، في شراكات مع البلدان والمنظمات ذات الشأن. وأعلنت «فاو» أمس، على موقعها الإلكتروني، وتزامُناً مع مؤتمر الأمم المتّحدة المعني بتغيُّر المناخ في كوبنهاغن، أنها ستسعى إلى تأمين متبرّعين لتأمين تمويلٍ إضافي للمشروع. وتُعتَبر الزراعة المصدر الرئيس لعوادم الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري العالمي، حيث تُطلق وحدها 14 من مجموع العوادم الكربونية في الأجواء، لكن القطاع يملك أيضاً إمكاناتٍ كبرى لتقليص إطلاق غازات الاحتباس الحراري المسبِّبة على الأكثر لظاهرة تغيُّر المناخ، وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجوّ واختزانه في التربة والنباتات. ويقول المدير العام المساعد لدى المنظمة «فاو» ألكساندر مولير: إن «التحدّي الكلّي الذي نواجهه يتمثّل في تحويل إمكانات التخفيف التقنية الكامنة في الزراعة إلى حقيقةٍ ملموسة». تكنولوجيا ملائمة وأساليب مؤمّنة ويضيف خبير «فاو»، «أن تكنولوجيات عديدة ملائمة وأساليب زراعية مستخدَمة في زراعة الحيازات الصغرى، متوافرة بالفعل وتطبق. وتشمل أساليب الزراعة العضوية والزراعة الصَونيّة (الحامية)، والعَزق المنخفض، وإعادة استخدام النفايات الخضراء للتسميد والتغطية، واستعمال النباتات المعمِّرة كغطاءٍ للتربة، وإعادة البَذر، وتحسين إدارة الرعي في الأراضي العُشبية، والاستزراع المشترك مع التحريج (الزراعة المختَلَطة مع الغابات) لدمج المحاصيل والأشجار». وأكّد أن «نحو90 في المئة من إمكانات الزراعة الكامِنة لخفض العوادم في الأجواء وإزالتها، إنما يتوقّف على مثل هذه الممارسات التي تحقِّق أيضاً عائداً إيجابياً في الحدّ من الجوع والفقر. لذا لا بد من تجاوز العوائق التي تعترض سبيل تبنّي مثل هذه التقانات والأساليب أولاً كتحدٍ رئيس أمامنا. ويسعى المشروع إلى إطلاق الطاقات الهائلة الكامنة في الزراعة للتخفيف من سياق تغيُّر المناخ وآثاره». ويسعى برنامج «فاو» إلى إنشاء قاعدة بياناتٍ عالمية تتضمّن معلوماتٍ حول المستويات الراهنة والمتوقَّعة لعوادم الغازات المسببِّة للاحتباس الحراري في مناطق الأراضي الزراعية المخصَّصة للسلع الزراعية الأكثر أهمية، وتصنيفها على هيئة بلدانٍ ومناطق. ولا تتوافر حالياً بياناتٍ حول مستويات العوادم الناجمة من عمليات إنتاج أيّ من السلع الزراعية سواء في تصنيفاتٍ قُطرية أو إقليمية. آليّات للتمويل والائتمان ويَزمع المشروع أيضاً تقويم مختلف نماذج آليات التمويل والائتمان، لحفز تبنّي الأساليب والممارسات الزراعية الكفيلة بالحد من إطلاق العوادم الكربونية وإزالتها في الإنتاج الزراعي مع مراعاة زيادة إنتاجية الغلّة. وإذ تنوي «فاو» أن تدعم تطوير منهجيّات قياس الكربون والإبلاغ عنه والتحقّق منه، يتمثل أحد أهم العناصر في تحقيق مُشاركة المزارعين من ضمن سياق أنشطة التخفيف، وبناء القدرات على المستويات المحليّة والقُطرية والإقليمية لتحقيق إمكان الإفادة من طاقات التخفيف الكامنة. وستنفّذ في هذا الإطار مشروعاتٌ تجريبية لدى خمسة بلدان مشاركة مع الجهات القُطرية المسؤولة لاختبار خفض إطلاق العوادم وامتصاص الكربون في شتّى النظم الزراعية والمناطق البيئيّة، مع تحليل آثار اقتصادات التخفيف على الأسر المُزارعة، والتأثيرات بالنسبة للإنتاج والإنتاجية. ويؤكد خبير المنظمة ألكساندر مولير، أن «المزارعين لن يشاركوا في التخفيف من تغيُّر المناخ ما لم تكن مُجدية اقتصادياً وجذّابةً لهم».