جرعة المحاسبة الاجتماعية عندنا تزيد عن معدلاتها الطبيعية، لدرجة التزمت، وفي الولاياتالمتحدة مفرطة فوق المعدلات الطبيعية، لدرجة الابتذال، فقد قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتغريدة على حسابه الشخصي، هنأ فيها المسلمين فى جميع أنحاء العالم بمناسبة حلول شهر رمضان، وتمنى لكل المسلمين فى جميع أنحاء أمريكا وحول العالم شهرًا مباركًا بأفراح العائلة والسلام والتفاهم، فجاءه تعليق جارح من الممثل الكوميدي الأسكتلندي فرانكي بويل، قائلا: المسلمون الذين تسجنهم جبريا فى جوانتانامو أم المسلمون الذين تقوم بتفجيرهم؟! والأسبوع الماضي استقبل البيت الأبيض لاعبات كرة السلة، وأثناء التصوير التذكاري للفريق حسب المتعارف عليه في هذه المناسبات الرسمية، وضعت اثنتان من اللاعبات أصابعهن خلف راس الرئيس الأمريكي في الصورة، في لقطة ُتظهر الرئيس الأمريكي يبدو وكأنه أرنب؟ أو أحمق؟ مما أثار استهجانا شديدا اثناء عرض اللقطات في القنوات التلفزيونية الإخبارية، ولكن كلٌ ذهب في حاله، فالمجتمع متسامح مع النكتة والدعابة حتى على مستوى البيت الأبيض. هنا مع بداية شهر رمضان الكريم، يبدأ الصراع الدرامي بين عديد من الفنانين والقنوات الفضائية للاستحواذ على النصيب الأكبر من كعكة الموسم الدرامي الأشهر وصناع الدراما، سواء من حيث نسب المشاهدة الجماهيرية أو الإعلانات، ورغم أن المسلسلات السعودية والخليجية في رمضان هذا العام أقل من مثيلاتها العام الماضي، إلا أن هناك عدداً من الأعمال الكوميدية لفترة ما بعد الإفطار، على إعتبار أن فترة العرض الرئيسية بعد مائدة الإفطار لا يناسبها سوى فكاهة تخفف عناء صوم يوم طويل. هنا يبدأ الصراع الأكبر والحقيقي مع المشاهد، فالمجتمع السعودي غير المجتمع الأمريكي، لا يسامح ولا حتى في الكوميديا؟ لذلك كثيراً ما نسمع الإنتقادات اللاذعة ضد برامج التلفزيون، يقولون : إسفاف؟ إستخفاف بعقلية المشاهد، وتضخم مساحة الإعلان؟ لماذا السخرية بالناس؟ لم نعد نشاهد في الكوميديا سوى الصراخ، والضجيج، واستجداء للضحك بحركات بهلوانية بدنية، أوحركات رعناء في الوجه، كأننا في مدينة ألعاب للأطفال، ويبلغ الصراع أوجه، عندما يتعلق الاستهزاء بتقليد شخصيات عامة، وإسقاط الشخصية على الواقع! لماذا تستخفّون بالسعودي وتكرمون غيره ، على الرغم من أنها مجرد قصة، ومجرد كوميديا؟.