أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أن يطلق على مشروع النقل العام في مدينة الرياض اسم «مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام» تقديرًا ووفاءً منه للرجل الذي تأسَّست على يديه هذه البلاد المقدسة، وشعوراً منه بأحقية المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز -تغمده الله بواسع رحمته- في أن يتشرف هذا المشروع بحمل اسمه، حيث إن الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه- أسس وزارة المواصلات في عام 1372ه، كما أنشئت خلال فترة حكمه فكرة السكة الحديد في عام 1367ه وتم الانتهاء منها عام 1371ه بربط الرياض بالدمام. هذا قد منحت الحكومة السعودية عقوداً بقيمة 22.5 مليار دولار لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم لتصميم وإقامة أول شبكة مترو في العاصمة الرياض في مشروع عملاق سيستغرق تنفيذه خمس سنوات.. ليعطي الضوء الأخضر لأكبر نقلة نوعية على الأرض في مجال المواصلات الداخلية، في تاريخ المملكة، خاصة وأن المشروع سيشمل ستة خطوط للسكك الحديدية تمتد على 176 كيلومتراً وتعمل عليها قطارات كهربائية دون سائقين، هو أكبر مشروع لشبكات النقل العام في العالم يجري تطويره حالياً، ووفق الخطة الزمنية، فإن المشروع سيستوعب 1.16 مليون راكب يومياً مع بداية التشغيل، ترتفع طاقته الاستيعابية إلى 3.6 مليون راكب يوميًا بعد عشر سنوات.. كما سيحد المشروع من متطلبات الطاقة لقطاع النقل، وذلك في حال قامت الدولة بتقديم حوافز لمشروع المترو كبديل عن المركبات، وتستهلك المملكة نحو 500 ألف برميل يوميا من النفط في صورة وقود. وتشير التقديرات السكانية لنمو سكان الرياض من نحو ستة ملايين نسمة حالياً إلى أكثر من 8.5 مليون نسمة خلال السنوات العشر القادمة، وهو ما يتطلب توفير بدائل أكثر فعالية للوفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة.. بالنظر إلى ما تعانيه شوارع المدينة من اختناق وتكدس مروري معظم ساعات النهار وحتى وقت متأخر من الليل، ومن شأن عربات القطار المكيفة والمزودة بخدمة الواي فاي أن تُغيِّر أسلوب التنقل، وأن تُخفِّف من اعتماد الكثيرين على التنقل بالسيارات ليرفع في نهاية الأمر نسبة مستخدمي وسائل النقل العام فوق النسبة البالغة اثنين بالمئة فقط من ستة ملايين نسمة يعيشون في الرياض، ولا تسعى المملكة فقط من خلال مشروع "مترو الرياض" الذي تعتزم تنفيذه لوضع حد للاختناقات المرورية التي تزعج ملايين القاطنين في الرياض ولتغيير وجه العاصمة وتحويلها إلى مركز تجاري إقليمي فحسب، وإنما أيضاً لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. وعن الجدوى الاقتصادية للمشروع، أكد عدد كبير من الاقتصاديين أن المشروع سيكون أحد العوامل الرئيسية التي ستُعزِّز التوظيف الوطني والنمو الاقتصادي السعودي، فالمشروع مملوك للدولة، وسيحقق إن شاء الله عوائد غير مباشرة مجزية، حيث إن كل ريال تنفقه الدولة على المشروع سيُحقِّق عائداً ثلاثة ريالات، ينعكس على البيئة والعمران واستهلاك الوقود. وأخيرًا.. تأمل المملكة على المدى الطويل في تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط للحد من حساسية الاقتصاد إزاء تقلُّب أسعار الخام العالمية، ومشروعات المترو جزءًا رئيسيًا من تلك الجهود، إذ قد تغير الطريقة التي تعمل بها المدن السعودية الكبرى وتساعدها على تطوير مناطق للصناعات التجارية وإنشاء شركات للصناعات الخفيفة غير النفطية، بينما تنشئ كذلك مشروعات عقارية واستثمارات أخرى بامتداد شبكة القطارات، والله الموفق.