فاجأتنى عباراته على الهاتف قبيل سحور رمضان وهو يرفض اعتذاري عن مكالمتى الخاطئة التى قصدت بها رقماً مشابهاً لرقمه وصدمنى السباب المتكرر بلا سبب ولا مدعاة رغم حرصي على تقديم الاعتذار أكثر من مرة .. أغلقت الهاتف واستعدت الفعل وردّة الفعل وقلت لنفسي : لماذا تعامل هذا الشاب المسلم معي بهذه الطريقة ولمَ لم يغير رمضان من سلوكياتنا لنبدو أكثر رقيا وحضارة وماذا لو كان المخطئ شخصا من بلد غريب ماذا يقول عنا بعد هذا القاموس غير « المحترم « الذى أهداني اياه صاحب الهاتف . وعلى الرغم من غضبي وثورتي إلا أننى فزت بجزاء « كاظمي الغيظ « وآثرت الاحتمال . ومع مرور الوقت آثرت أن أوجه لشبابنا المسلم رسالة مقتضبة من دكتور عاش ثلاثة أرباع عمره داخل قاعات الدرس يعلم طلابه السلوكيات الحميدة والأخلاقيات الحسنة وأناديهم اليوم بصوت الحكمة أن يكونوا الأوسع صدرا وأن يبتعدوا عن مهلكة « الغضب « فأخطاء الهواتف كثيرة منها ماهو متعمد يلجأ اليه البعض من معدومى الأخلاقيات ومنها ما هو « عفوي « نسقط فيه جميعا دون قصد وعلى مستقبل الهاتف أن يفرق بين هذا وذاك وأن يتعامل مع الأمرين بمكيال مختلف . ليس هذا فقط بل أود أن أنادى الجميع أن يترجموا التربية الحسنة سلوكا فى التعامل مع الغير وليست كلمات تتناقلها الألسنة بلا مردود على النفس . لقد حزنت كثيرا على رسالة الغضب التى وجهها لى مستقبل مكالمتي الخطأ ليس لأنها أصابتنى فهو لا يعرفنى ولا يقصدني وإنما حزنت أن يكون هذا هو سلوك المواطن السعودي فى شهر كريم يغسل خطايانا وينقى سلوكياتنا ويرتقى بمبادئنا . لقد تجاوزت الأمر وارتفعت على غضبي ومازلت أتمنى أن نغتنم جميعا قلادة سعة الصدر التى يتحلى بها المسلم شديد الإيمان . فنحن أبناء الحرمين .علينا مسئولية كبرى تتمثل فى تصدير بضاعة الخلق الحميد والأخلاق الحسنة لكل بلاد العالم . مسئولية حملها لنا الدين و المكان والزمان والتاريخ فليتنا نقدر قيمة هذه المسئولية العظيمة . أخيراَ شكرا لمن هاتفته خطأ وحدثني غاضبا فلقد قدم لى هدية غالية دون أن يدرى وأكدت لى أننى ناجح فى « كظم الغيظ « وهو ما تمنيت أن أختبر فيه نفسي عملياً . د. يحيى وزنه - جدة