img src="http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/5_48.gif" alt="خبير استراتيجي ل" المدينة ": مساعي "التمكين" ودور الإرشاد "الملتبس" وغياب الإنجاز وراء سقوط حكم الإخوان" title="خبير استراتيجي ل" المدينة ": مساعي "التمكين" ودور الإرشاد "الملتبس" وغياب الإنجاز وراء سقوط حكم الإخوان" width="400" height="223" / بعد أكثر من ثمانين عامًا من العمل السري والنشاط المجتمعي بكل جوانبه، اندفعت جماعة الإخوان المسلمين إلى تصدر المشهد السياسي المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتمكنت في معظم الانتخابات النقابية والتشريعية من الحصول على أغلبية الأصوات وحاز أفرادها على ثقة أكثرية المصريين، كما تعزز موقعهم بالاستحواذ على المنصب الأهم في مصر بفوز مرشحهم برئاسة الجمهورية في انتخابات رئاسية «ماراثونية» شهدت حالة من الاستقطاب الشديد داخل مصر لازالت مؤثرة على المشهد السياسي برمته حتى يومنا هذا، لكن بعد مرور سنتين على الثورة يبدو أن أمل كثيرين في الجماعة قد تبدد وأن التعاطف معهم تبدد ومن ثم تعيش الجماعة مأزقًا حقيقيًا على المستوى الوطني وعلى المستوى الداخلي ربما لا يدركه أو ينكره أنصارها في ثقة مفرطة. «المدينة» حاورت الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية محمود حمدي أبوالقاسم حول تقييم أداء جماعة الإخوان المسلمين في حكم مصر على مدار العام، وأسباب الفشل الذي رافق ذلك وهل هذا الفشل يعكس نقص خبرة الإخوان أم مؤامرة من شركاء الوطن كما يزعم الإخوان، ولماذا خرجت الجماهير المصرية بعد عام واحد من حكم الإخوان في الوقت الذي تحملت فيه 30 عامًا من حكم الرئيس السابق حسنى مبارك بكل مساوئه. وأرجع «أبوالقاسم» فشل الإخوان في حكم مصر إلى نزعتها إلى الاستئثار بالسلطة والعمل على احتكار السلطة بهدف تمكين الجماعة من مفاصل الدولة المصرية، وإلى الغرور الذي أصاب الإخوان من قوتهم في الشارع بعد توالى فوزهم في كل مرة يجرى فيها الاحتكام إلى الصندوق، حيث حقق «الإخوان وحلفاؤهم الإسلاميون» النصر في خمس مرات جرى فيها الاحتكام للدستور منذ الاستفتاء الأول على الإعلان الدستوري ومن بعده انتخابات مجلسي الشعب والشورى، ثم الرئاسية بجولتيها وانتهاء بالاستفتاء على الدستور المعطل حاليا بعد الموجة الثانية للثورة المصرية في 30 يونيه. وقال «أبوالقاسم»: إن جماعة الإخوان كانت تدرك مع بدايات الثورة وإزاحة نظام مبارك حجم القلق الذي يساور الداخل والخارج من قدرتها على الحشد بما يؤهلها للاستحواذ على السلطة في مصر، وكانت تدرك أيضا قدرة الجيش، على التأثير والانحياز لنبض الشارع المصرى لذلك أعلنوا طواعية أنهم سيخوضون الانتخابات التشريعية على نسبة أقل من النصف وأنهم لن يقدموا مرشحًا للرئاسة، في خطوات تبدو عقلانية وقراءة جيدة للمشهد ومحاولة لبناء أرضية ثابتة للتعامل مع الموقف الغامض في مصر وحولها بصورة تدريجية، وفي الوقت نفسه محاولة التقاط الأنفاس ما بعد سقوط نظام مبارك، وإدراك لحتمية المسؤولية الجماعية خلال هذه المرحلة المعقدة من تاريخ مصر تفاديًا لدفع تكاليفها من جانب أي طرف منفردًا، ولكن الجماعة غيرت مواقفها وتراجعت عن كثير مما ألزمت به نفسها، حيث فضلت أن تتصدر المشهد منفردة خصوصًا بعد انتخاب مرشحها رئيسًا للجمهورية، وتعزز قانونًا مسؤوليتها بعد إنهاء الرئيس لحالة الازدواجية في الشرعية بين الرئاسة والجيش وذلك بعد إحالة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان ومعظم أعضاء المجلس العسكري الذين أداروا الفترة الانتقالية للتقاعد، وتعيين وزيرًا جديدًا للدفاع وتشكيل الحكومة من جانب الرئيس مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك بعد إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وتمتع الرئيس قانونيًا بسلطات تنفيذية وتشريعية كاملة، بالإضافة إلى إقرار الدستور وتمريره. وأوضح «أبوالقاسم» أن الخطوة الثانية في مسلسل فشل الإخوان تمثل في رغبتها في الاحتكار بالسلطة عند تشكيل أول حكومة بعد الانتخابات الرئاسية، حيث فضلت الجماعة تحمل المسؤولية بعيدًا عن القوى الشريكة في الثورة، ومن ثم تراجع الرئيس عن وعوده للمعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد نجاحه وفضل البحث في صندوق الدولة القديم والمتهالك فاختار رئيسًا للوزراء وبعض الوزراء بجانب الدفع ببعض قيادات الجماعة إلى تولى حقائب وزارية، ومنصب المحافظ في بعض المحافظات، وترك كثيرين ممن عليهم علامات استفهام فى مواقعهم في المناصب التنفيذية والمؤسسات، وبدا عند تمرير الدستور أنه كان قسمة بين الجماعة بثقلها السياسي، والجيش بقوته المادية والفعلية، والأزهر بسلطته المعنوية. وعن مساعي الإخوان ل»التمكين» قال «أبوالقاسم»: إن هذا المسعى ظهر واضحًا عندما قرر الرئيس «مأسسة» منصب الرئاسة وراح يختار نوابه ومساعديه ومستشاريه، حيث اختار بعضًا من الأكاديميين والإعلاميين والخبراء، غير مدرك للفوارق الكبيرة بين السياسي المتمرس المعجون بثقافة الشارع، وبين عالم الأفكار والتنظير البعيد عن واقع الناس وحياتهم معاشهم، وبدا غير معنى بتوسيع المشاركة في المسؤولية من جانب أصحاب الثقل الجماهيري والتأثير الفعلي على الأرض، وأبعد الثوار أو زملاء المعارضة للنظام السابق عن المشاركة في السلطة في خطأ سياسي فادح ظهرت أثاره فيما بعد سواء في قراراته التي تراجع عنها أو في تهميشه لكل هؤلاء الذين اختارهم لمساعدته، ورجوعه إلى جماعته. وأضاف «أبوالقاسم» أن جماعة الإخوان وهى بسبيل التمكين لنفسها في السلطة ضيقت المشروع الوطني الحامل لأهداف الثورة ومن ثم تحالفت مع بعض التيارات واستغلتها لتمرير مشروعها وأهدافها، وهذا كان له مردود على الجماعة من جهتين، الأولى أنه لم تكن هناك حدود فاصلة لدى عموم الناس بين أي من هذه الأطراف الإسلامية، ومن ثم انعكست ممارسات بعض الدعاة وبعض غلاة الإسلاميين في ظل التوظيف الإعلامى السيئ على التيار الإسلامى ككل وعلى الإخوان بالأخص، خصوصًا وأن ضرورات التحالف فرضت عدم قدرة الإخوان على الفكاك من القيود والمواقف التي عززت الاتهامات لدى قطاعات عريضة من المصريين وأثارتهم ضد الإخوان، خصوصًا عند مناقشة بعض القوانين في مجلس الشعب المنحل أو داخل الجمعية التأسيسية عند مناقشة نصوص الدستور، كما أن هذا التحالف فى اتجاه ثان مع مرور الوقت أصابه خلل لأنه كان قائمًا على الاستغلال لذا انفضت الشراكة بين السلفيين أو حزب النور والإخوان مؤخرًا. العلاقة الملتبسة وحول دور مكتب الإرشاد في الانقلاب الجماهيري على الإخوان، قال «أبوالقاسم»: إن هذه القضية اتسمت بقدر كبير من الالتباس في الشارع المصري وتواتر طرح أسئلة كثيرة في المظاهرات والمليونيات مثل: من يصنع القرار.. الرئيس أم الجماعة؟، ما تأثير الجماعة على قرارات الرئيس وخياراته؟ وهل الجماعة تعزز حكم الرئيس أم أنها سبب رئيسي من أسباب فشله؟، وهل الرئيس مجرد واجهة لمكتب الإرشاد؟ «نفاذ الرصيد الشعبي» وحول التحول الشعبي عن الإخوان، أوضح «أبوالقاسم» أن الإخوان صدموا الكثير من المصريين بأدائهم «الهزيل» سواء على مستوى السلوك الفردي أو على مستوى العمل الجماعي وكذا على مستوى ممارسة السلطة وطبيعة الانحيازات واتجاهاتها؛ فعلى مستوى السلوك الفردي أدى فتح المجال أمام منتسبيهم وأعضائهم بعد الثورة إلى انبهار بعضهم ببريق السلطة والشهرة، دون إحساس بالمسؤولية الوطنية وبطبيعة المرحلة واحتياجاتها، خصوصا أنهم كانوا الطرف الأقوى والأجدر على لعب دور المنسق والمسؤول وليس الشريك بين القوى الوطنية عن تحقيق الأهداف الحقيقية للثورة، علاوة على بروز الاستعلاء والغرور الذي أصاب بعضهم في أعقاب الانتخابات البرلمانية وابتعادهم عن الجماهير وانهماكهم في دنياهم الجديدة حول الكراسي والموائد المستديرة وشاشات التلفاز، وأيضا احتقارهم لخصومهم ومنافسيهم واعتبارهم قلة، ومن هنا فقد عززت الممارسة الفعلية عزوف الجماهير عن الجماعة وتزايد مع عدم وجود إنجاز فى الملف الاقتصادي يلمسه المواطن العادي خاصة بعد أن صدمت الجماعة المصريين بغياب الرؤية أو المشروع الوطني الذي يترجم أهداف الثورة إلى سياسات واضحة. «مستقبل غامض» وعن مستقبل الإخوان بعد عزل الرئيس محمد مرسى، يرى «أبوالقاسم» أن الدولة العميقة الرافضة لحكم الإخوان نجحت في استغلال حالة الاستياء الشعبي من أداء جماعة الإخوان المسلمين وقادت إلى عزل الرئيس «الإخوانى» وبات المستقبل غامضًا أمام عودة الإخوان إلى المشهد السياسي وربما يمتد الوضع إلى كل فصائل تيار الإسلام السياسي ولكن رغم ذلك لا زال الإخوان أقوي فصيل سياسي في الساحة السياسية ويجب ممارسة الضغط عليهم ليكونوا أكثر تفاعلاً وديمقراطية لإن إقصاءهم وإبعادهم يضر مصر ويضر عملية التحول الديمقراطي المنشود.