هل يمكن أن يكون ما نحن فيه الآن مجرد قسمة عادية بين أنصار المعارضة وأنصار الحكم كما هو الحال في كل ديمقراطيات العالم؟! لكن فلول النظام السابق هم الذين يريدون بمصر، وبحكم جماعة الإخوان شرًّا؟! وإذا كانت كل هذه الجماهير التي تملأ ميادين القاهرة، والمحافظات هم مجرد أتباع وفلول، فماذا نفعل؟ هل ننصب لهم المشانق في الميادين، أم نطلق عليهم جنود الله المعتصمين في ميدان رابعة العدوية يقطفون (رؤوسًا قد أينعت)، ويبيدون هذه الجموع الحاشدة؟! أم نلوم الجيش والشرطة لأنهما يرفضان رفع السلاح على المتظاهرين، ويتمسكون بسلمية التظاهر؟ وأيُّهما الأقرب إلى العقل والحقيقة والدين، أن نتغاضى عن مطالب هذه الملايين، ونكابر، ونصر على الاقتتال الأهلي بدعوى أن الشرعية خط أحمر، رغم أن الشرعية هي شرعية الإرادة الشعبية؛ ليتكرر في مصر ما حدث في الجزائر، وتدخل البلاد في أتون صراع أهلي يعرف الجميع أن نتائجه سوف تكون خسارة فادحة على الجميع، أم نرفض جميعًا -حكمًا ومعارضةً- العزة بالإثم، ونصيخ السمع جيدًا لأوجاع المصريين المحتشدين في الميادين، وندرك خطورة اتساع مساحات عدم الرضا لتشمل معظم فئات المجتمع، ونعرف أن بقاء الحال ضرب من المحال، وأن استمرار هذه السياسات لن ينتج سوى شر مطلق، وأنه ما من حل يخرجنا من جحيم الصراع الأهلي سوى توافق كل الفرقاء على انتخابات برلمانية، ورئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني لا تخضع فيها الوزارات السيادية لسيطرة أي فريق حزبي، وتصحيح الدستور بما يجعله دستورًا توافقيًّا ترضى عنه كل الأمة، ووضع حدود فاصلة بين العمل الديني الدعوي، وبين السياسة بعد أن أساء البعض استخدام الدين محرِّضًا على الفتنة والانقسام والحرب الطائفية. إن أحدًا لا يطالب باستبعاد جماعة الإخوان المسلمين من الصورة، لكنها أخطأت الحساب والتقدير، كما أخطأت الاختيار والإدارة، ومع الأسف تأخّرت في تصحيح أخطائها عنادًا واستكبارًا، فهل يفيق بعض أقطابها إلى أننا على حافة الانزلاق إلى نفق مظلم قبل أن يفوت الأوان؟! المزيد من الصور :