تقع فيد شرقي مدينة حائل وقد عمرت عدة مرات خلال التاريخ الإسلامي وذلك لأن موقعها مميز فهي في منتصف الطريق بين مكة والمدينة في الحجاز من جهة والكوفة وبغداد من جهة أخرى، كما ازدادت أهميتها بعدما أصبحت محطة رئيسة على طريق درب زبيدة، وتدل الآثار الباقية في الموقع الأثري على أن فيد كانت على مستوى متقدم من العمارة والتخطيط، وقد ورد ذكر فيد في أشهر المصادر القديمة مثل المناسك للحربي ومعجم البلدان للحموي، والمسالك والممالك لابن خرداذبة وأورد ذكرها ابن قدامة وابن رسته والأصطخري والمقدسي، وأورد ابن الأثير في الكامل أن "فيد" بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة عامرة إلى الآن، يودع الحاج فيها أزوادهم، وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها، فإذا رجعوا أخذوا أزوادهم، ووهبوا لمن أودعوها شيئًا من ذلك، وهم مغوثة للحاج في مثل ذلك الموضع المنقطع، ومعيشة أهلها من إدخار العلوفة طول العام إلى أن يقدم الحاج فيبيعونه عليهم، كما وصفت من قبل مجموعة من الرحالة كابن بطوطة وابن جبير، وتاريخها المميز يدلّ على أهمية فيد وموقعها، ولها علاقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قدم وفدٌ منها برئاسة زيد الخيل وعندما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اسمه قال له: بل أنت زيد الخير وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير فيدًا، كما اشتهرت فيد باسم الحِمَى أي: أن أرضها حميت لرعي الخيل وإبل بيت مال المسلمين، وأول من حمى فيدًا عثمان بن عفان رضي الله عنه، ونزل بها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما وجهه عمر رضي الله عنه بالجيوش لحرب العراق فأقام بها شهرًا، وفي عام 36ه مرّ بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو ساير إلى العراق واستقبلته قبائل طي وأسد وتدلّ آثار البرك والقصور والنقوش على أن فيدًا موقع حضاري غني بآثاره، ولأن الكاتب يتتبع المواقع ويرصدها بأسلوب أدبي فقد وردت فيد في الشعر كثيرًا، ولاسيما الشعر القديم حيث ذكر زهير بن أبي سلمى فيدًا: ثم استمرّوا وقالوا إنَّ مشربكم ماءٌ بشرقيِّ سلمى فَيْد أو رككُ كما ذكر زهير بن أبي سلمى بعض المناطق منها فيد وسلمى ورهم: وقد أراها حديثا غير مقوية السر منها فؤادي الجفر فالهدم فلا لكان إلى وادي الغمار فلا شرقي سلمى فلا فيد فلا رهم كما ذكرها لبيد بن ربيعة رضي الله عنه في معلّقته: مرِّية حلّت بفيد وجاوزتأهل الحجاز فأين منك مرامها وقال أبو فراس الحمداني: كأنَّ سَفينًا بينَ فَيْد وحَاجرٍ يَحُفُّ بِهِ من آلِ فيعانِهِ بَحرُ ويذكر الكاتب هذه الشواهد من الشعر مع معرفته بصعوبتها نوعًا ما وذلك ليدلل على أهمية الأماكن لدى أصحابها قديمًا ومنها فيد، متمنيًا أن تجد هذه المعلومات طريقها إلى المهتمين بتاريخ الوطن ونشرها بين الطلاب والطالبات حتى تتكون لديهم ثقافة مكانية تغرس في قلوبهم حب الوطن.