مرو الشاهجان مدينة شرقية، ومركز إشعاع حضاري، إذ هي واحدة من أعظم المراكز الحضارية التي تقع في آسيا الوسطى (جمهورية تركمانستان حاليًا). بدأ دورها الحضاري منذ حقب سحيقة في التاريخ بدءًا من الألف الثالثة قبل الميلاد واستمرارًا في عصور الحضارة الإسلامية مثلت خلالها أنموذجًا فريدًا لثقافات وأديان عديدة، وبالرغم من زوال كثير من تلك الثقافات التي جسدت عددًا من الحضارات إلا أن مرو بقيت شاهدًا ورمزًا لما كان عليه أسلافنا ممن ارتبط وجودهم بأرضها وحضاراتها المتعددة المتنوعة. إن المتفحص لكتب الطبقات وتراجم الرجال منها: طبقات الصحابة والتابعين، وطبقات الحفاظ، وطبقات الفقهاء، الشافعية، والمالكية، والأحناف، والحنابلة، وتراجم الأعلام، ومعاجم المؤلفين، وكتب التواريخ وبخاصة: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي وتاريخ دمشق الكبير لابن عساكر.. المتضمن لهذه المصادر يدرك بجلاء دور علماء مرو في علوم كثيرة وميادين شتى مما كان سائدًا في زمانهم، إذ برعوا في ذلك وأبدعوا حتى تميزت آراؤهم وخلفت مدارس فكرية ومنها على سبيل المثال لا الحصر مدرسة مرو في الفقه الشافعي مقارنة بمدرسة بغداد، ومن خلالها انتشر المذهب الشافعي في حواضر غرب بغداد على أيدي تلاميذ تلك المدرسة. ثم جاء الإمام محمد بن علي بن إسماعيل القفال الكبير الشاشي لينشر فقه المذهب الشافعي في بلاد ما وراء النهر وتخرج على يديه الإمام عبدان بن محمد بن عيسى المروزري (ت 292 ه/904م) الذي اظهر مذهب الإمام الشافعي بمرو وخراسان فنشأت مدرسة مرو في المذهب الشافعي ثم نقل تلاميذ مدرسة مرو المذهب إلى أرجاء عديدة من حواضر الشرق. انتسب علماء مرو إلى مدينتهم العظيمة، فأطلقوا على أنفسهم لقب الانتماء لمرو، تحت اسم (المروزي) أو (المروذي) هوية لمن انتسب إلى مرو الشاهجان. إن مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وهما أعظم المواقع الإسلامية قدسية لوقوع بيت الله الحرام ومثوى رسوله الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ووجود المشاعر المقدسة كافة فيهما فهما بذلك تمثلان عند المسلمين عامة، أهمية كبرى في الحج اليهما للزيارة واداء مناسك الحج والعمرة فلا غرو إذا ذهبنا إلى أن الغالبية العظمى من علماء مرو (من غير المكيين أو المدنيين من المروزيين) الا وكانت لهم صلة بالحرمين الشريفين زيارة وأداء للنسك والمجاورة فيهما تعبدًا وطلبًا للعلم ولو لمدد قصيرة. كان المناخ السائد في الحرمين الشريفن طيلة العصور الماضية استقطاب الزائرين والترحيب بهم وتجسيد قول الله تعالى (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) وفتح مجالات للتواصل العلمي بين العلماء المكيين والمدنيين والمجاورين والزائرين، وكانت الرحلة الى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة رحلة مزدوجة الغرض فهي إضافة إلى هدفها الاساسي في أداء الحج والعمرة والزيارة كانت رحلة لطلب العلم ايضًا والامثلة على ذلك كثيرة لا تحصى ولكننا نورد تمثيلا لذلك. - فالامام الحافظ القاضي ابوبكر احمد بن علي سعيد الأموي المروزي (202 -292ه / 817-904م) مؤلف (مسند أبي بكر الصديق) رضي الله عنه، لقي في رحلاته عددًا كبيرًا من العلماء الذين استجاوزه وأجازوه. - والإمام محمد بن نصر المروزي (ت394ه / 1003م) كان كثير الرحلة إلى حواضر العلم في العالم الإسلامي ففي رحلاته إلى مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة تلقى العلم على أكابر علماء الحرمين الشريفين كما تلقوا عنه الرواية في علم الحديث يقول هذا الامام: “خرجت من مصر ومعي جارية لي، ركبت البحر أريد مكةالمكرمة فغرقت وذهب مني ألفا جزء وسرت إلى جزيرة أنا وجاريتي فما رأينا فيها أحدًا وأخذني العطش فلم أقدر على الماء فاجهدت فوضعت رأسي على فخذ جاريتي مستسلمًا للموت فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز فقال لي: هاه فأخذت وشربت، وسقيت الجارية، ثم مضى فما أدري من أين جاء ولا أين ذهب؟”. - والإمام أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النخعي المروزي (ت 357/967م)، الذي اتصل بعلماء الحرمين الشريفين عند قدومه للحج ومات بالجحفة ودفن بها. - والامام الحافظ شيخ الإسلام أبو عبدالرحمن عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي المروزي (118-181ه /736 -797م) حج وبقي زمنًا في مكةوالمدينة يتواصل مع العلماء ويشارك في حلقات الدرس بالحرمين الشريفين. - والمحدث المفسر الامام آدم بن أبي أياس عبدالرحمن بن محمد الخراساني المروزي العسقلاني (ت220ه/835م) رحل إلى الحجاز ولقي عدد كبير من الشيوخ الذين تلقى عليهم العلم، وظل متواصلًا مع علماء الحرمين. - عالم القراءات أبو نصر محمد بن أحمد بن علي بن حامد المروزي الكركانجي (390-4848ه/999-1091م) الرحالة الذي ساح البلدان ودخل الحجاز وكانت له صولات وجولات في ميادين العلم تواصل خلالها مع علماء الحرمين الشريفين (6). - والعالم النحوي الفقيه إسماعيل بن الحسين بن محمد المروزي (572-614ه /1176 -1217ه) التقى عند حجة سنه 592ه/1195م لفيفًا من علماء الحرمين الشريفين. - والمؤرخ والنحوي سليمان بن معبد بن كوسجان المروزي السنجي (ت257ه/888م) رحل إلى الحجاز وأخذ من علماء الحرمين الشريفين. - وابو طاهر محمد بن عبدالله بن أبي سهل بن أبي طلحة المروزي السنجي الشافعي (463 -548ه/1070-1153م) الذي سمع خلقًا كثيرًا بالحجاز وأخذ عنهم. - وأبو بكر محمد بن منصور بن محمد بن عبدالجبار السمعاني التميمي المروزي (466-510ه/ 1073 -1116م) سمع بالحجاز وأملى بعض كتبه فيه. فهؤلاء غيض من فيض فهم وآلاف غيرهم من العلماء المنتمين إلى مرو اتصلوا بعلماء الحرمين الشريفين في حقب زمنية متباينة في أثناء إقامتهم في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وتواصلوا معهم سماعًا ولقاءً وقراءة واقراءً واملاء واستقبالًا وإجازة واستجازة ورواية وتحريرًا. أما المروزيون الذين استقروا بهم المقام في بلاد الحرمين الشريفين بصورة دائمة أو مؤقتة فإنهم كثر تمتد جذورهم إقامة بعضهم إلى عصر التابعين وكانوا أئمة في الفقه والتفسير والحديث رواية ودراية وشاركوا في بدايات عصر التدوين بمدونات وتأليف أصبحت من أهم مصادر علوم الشريعة من فقه وتفسير وحديث وكانوا مقصد العلماء وطلاب العلم من شتى البقاع الاسلامية غربًا من الاندلس وغيرهم وشرقًا من بلاد ما وراء النهرين وفارس والسند وغيرها من البلاد الاسلامية فمنهم: - إمام المذهب الإمام احمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي (ت241ه/855م) أقام بمكة سنوات. يورد الذهبي قول ابن ذريح العكبري عنه: “طلبت احمد بن حنبل فسلمت عليه، وكان شيخًا مخضوبًا طويلًا اسمر شديد السمرة قال أحمد: سمعت من علي بن هاشم سنة تسع وسبعين ومائة فأتيته المجلس الآخر. وقد مات وهي السنة التي مات فيها مالك وأقمت بمكة سنة سبعة وتسعين ومائة وأقمت عند عبدالرزاق سنة تسع وتسعين ورأيت ابن وهب في مكة ولم أكتب عنه”. كان الإمام احمد بن حنبل المروزوي يفتي وقد التقى علماء الحرمين في مسجد الخيف سنة 198ه /813م، وكان يسكن بمكةالمكرمة في مسكن متواضع بحي اجياد وعلى قصر السنوات التي قضاها ابن حنبل في مكة إلا أنها تركت اثرًا كبيرًا في حياته، كما كان وجوده هناك وجود مؤثرًا في المجتمع المكي ومن هنا فقد عد من المروزويين المكيين. - عالم خراسان أبو يعقوب اسحاق بن احمد بن مخلد الحنظلي التميمي المروزي المعروف بابن راهويه (161 -238ه /777-852م) كان من كبار الحفاظ وكانت له جولات علمية في البلاد الاسلامية ومنها الحجاز وله كتاب (المسند)، وقد تواصل مع كبار علماء الحجاز وكان يعتز بكنيته (ابن راهويه) لأن أباه كان قد ولد في أثناء رحلة أسرته إلى مكةالمكرمة كانت له مع الإمام الشافعي مناظرة شهيرة في مكةالمكرمة. - الفقيه الحنبلي المحدث اسحاق بن منصور بن بهرام المروزي المعروف بكوسج (ت 251ه /865م) رحل إلى الحجاز وكتب (المسائل) في الفقه، إذ دونها عن الامام احمد بن حنبل، وتلقى بعض فتاوى الامام احمد في مسجد الخيف بمنى. - القاضي الفقيه أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي المروزي (159-242ه /775 -856م) كان مقربًا من المأمون الخليفة العباسي ثم انقلب عليه المتوكل فرحل إلى مكة وجاورها وبقي فيها زمنًا متواصلًا مع علمائها مات في الربذة قرب المدينةالمنورة ودفن بها. - المحدث الحافظ المفسر ابو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المروزي البلخي (ت227ه/841م) صاحب كتاب (السنن) وتفسير القرآن الكريم سكن بمكةالمكرمة وبقي بها حتى وفاته، وكان يحدث في حلقات المسجد الحرام يحف به العلماء وطلاب العلم من مختلف إرجاء العالم الاسلامي. - المحدث نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك الخزاعي المروزي (ت229ه/843م) أقام زمنًا بالحجاز متنقلا بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة وكتب فيه عددًا من تصانيفه في الحديث جامعًا مرويات عدة (16). - الحافظ زهير بن محمد المروزي الخرقي (ت164ه/780م) كان مروزيًا من سكان مكةالمكرمة انتقل اليها من الشام بها مجاورًا حتى وفاته. التقى الفاسي المكي في كتابه الجامع (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) رصد عددًا من علماء الحرمين الشريفين من المروزيين ومنهم: 1- أبو الحسن محمد بن مقاتل الكسائي المروزي (ت226ه/840م) إلى مكةالمكرمة وجاور بها حتى وفاته سمع من سفيان بن عيينة وعبدالله بن المبارك وعباد بن العواد ووكيع، وهشيم وابي عاصم وابا ضمرة وابي نميلة، وغيرهم وقد روى عنه كثيرون منهم: أحمد بن حنبل وابراهيم الجنيد، واحمد بن سيار، واحمد بن منصور المرزبان، والبخاري، وسمويه وابوزرعة وابوحاتم واجمعوا على صدقة في رواية الحديث وقالوا إنه كان من الثقات المتقنين. 2- ابوصالح هدية بن عبدالوهاب المروزي (ت241ه /855م) محدث فقيه روى عن: سفيان بن عيينة والفضل بن موسى السيناني والنضر بن شميل ووكيع بن الجراح، والوليد بن مسلم ويحيى الطائفي وأبي معاوية الضرير، كما روى عنه: ابن ماجه وابراهيم النيسابوري وأبو بكر بن ابي عاصمة وبقي بن مخلد وعبدالله بن حنبل وابوزرعة ويعقوب بن سفيان الفسوي وعده عدد من أكابر العلماء شيخًا لهم ووصفوه بالثقة والاتقان. 3- أبو على الحسن بن بكر بن عبدالرحمن المروزي استقر مجاورا في مكةالمكرمة روى عن: ابيه بكر المروزي ويزيد بن هارون والنضر بن شميل ويعقوب بن ابراهيم ومعلي بن منصور وغيرهم، كما روى عنه: الترمذي وزكريا بن يحيى المروزي واحمد بن محمد بن عباد الجوهري وغيرهم. 4- الحسين بن الحسن بن حرب المروزي (ت246ه/860م) المحدث الفقيه المجاور بمكةالمكرمة كان صادق الرواية وكان صاحبا لعبدالله بن المبارك وقد روى عنه وعن: سفيان بن عيينة وابن مهدي مهدي ومعتمر بن سليمان وهشيم وغيرهم (21). قال الذهبي عنه إنه جمع وصنف بمكة وحدث عنه: الترمذي وابن ماجه وتقي بن مخلد وداود الظاهري وعمر بن بجير ويحيى بن صاعد وجعفر بن فارس وابراهيم الهاشمي وعدد من العلماء. 5-المحدث أبو زهير بن محمد التميمي الخرقي المروزي (ت162ه/778م) سكن مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة على ما ذكره التقي الفاسي نقلا عن صاحب كتاب (الكمال لجماعيلي وأشار إلى قول المزي في (التهذيب) انه سكن الحجاز وقال ان البخاري ذكره في (فضل من مات من الخمسين ومائة الى الستين). 6- الحافظ المحدث سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المروزي الطالقاني (ت226ه/840) مؤلف السنن وأحد الاعلام المكيين من اصول مروزية سمع مالك بن انس وسفيان بن عيينة والليث بن سعد وهاشم بن بشير واسماعيل بن علية كما روى عنه احمد بن حنبل ومحمد الذهلي وابو زرعة وابو حاتم والبخاري ومسلم وابوداود وروى له: البخاري والترمذي والنسائي كان من الثقات والاثبات مات في مكةالمكرمة ودفن بها. 7- الفقيه الشافعي الإمام أبوزيد محمد بن محمد بن عبدالله بن محمد القاشاني المروزي (ت371ه/981م) عد شيخ الشافعية في مكة وروى (صحيح البخاري) عن الفريذي قال عنه الحاكم: كان أحد ائمة المسلمين ومن احفظ الناس للمذهب وأحسنهم، نظرًا وأزهدهم في الدنيا سمعت ابا بكر البزاز يقول: عادلت الفقيه ابا زيد من نيسابور الى مكة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة الامام المروزي حدث في حلقة بالمسجد الحرام في رواية حديث البخاري ويروي عن ابي زيد قوله: كنت نائمًا بين الركن والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا زيد الى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي فقلت يا رسول الله وما كتابك قال: جامع محمد بن إسماعيل يعني البخاري. 8- المحدثة الكبيرة كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية المكية (ت463ه /1070) كانت أول امرأة درست (صحيح البخاري) في مكةالمكرمة بل ان النسخة المعتمدة التي نوه بها الحافظ بن حجر العسقلاني في (فتح الباري) والتي عدها من أهم النسخ هي نسخة المحدثة كريمة بنت أحمد المروزية حضر دروسها أكابر علماء الحديث ونالوا منها الاجازة وحدثت ب (صحيح البخاري) عن كبار الحفاظ والمسندين منهم: (ابو الهيثم محمد بن المكي الكشميهني) وزاهر بن احمد السرخسي وعبدالله بن يوسف بن باموية الاصبهاني درس عليه في مكةالمكرمة كبار المحدثين من المشرق والمغرب حتى أن محدث هراة الحجة أبا ذر الهروي اوصى تلاميذه بألا يأخذوا (صحيح البخاري ) إلا عنها. ومن أشهر من حضر دروسها وأخذ الاجازة منها: - الامام أبو بكر احمد بن علي بن ثابت بن احمد بن مهدي البغدادي المعروف بالخطيب البغدادي (ت463ه/1070م) كان يقرأ عليها وهي تسمع. - وابو المظفر منصور بن محمد بن عبدالجبار بن احمد التميمي السمعاني (ت489ه/1095م) سمع على كريمة المروزية في مكة وروى عنها. - وإمام الحرمين أبو عبدالله الحسين بن علي بن الحسين الطبري (498ه/1104م) مفتي مكة ومحدثها أخذ عن كريمة (صحيح البخاري)، وروى عنها. - وعلي بن ابراهيم بن العباس بن الحسين النسيب (ت 508ه/1114م)، وهو العالم الثقة المحدث نال الاجازة في رواية (صحيح البخاري) عنها. - وأبو طالب الحسين بن محمد بن علي بن حسن الزينبي (ت512ه/1118م) سمع منها بمكةالمكرمة. - وأخذ عنها محدث الكوفة ومسندها أبو الغنايم محمد بن علي بن ميمون بن محمد النرسي (ت510ه /1116م). - والمحدث الثقة أبو الحسن علي بن الحسين بن الفراء الموصلي (ت519ه/1125م) إجازته كريمة في مكة. - وأبو عبدالله محمد بن بركات بن هلال بن عبدالواحد السعيدي المصري (ت 520ه/1126م) قرأ على كريمة في مكة في أثناء مجاورته. أما علماء المغرب فقد كانت كريمة المروزية محل اهتمامهم يقرأون عليها (صحيح البخاري) وينالون الاجازة منها كان من ابرزهم: - جماهر بن عبدالرحمن بن جماهر الطليطلي (ت466ه/1073م) لقي كريمة في رحلته الى مكة سنة 452ه/1060م وأخذ عنها رواية (صحيح البخاري). - ومحمد بن ابي نصر فتوح بن عبدالله بن فتوح بن حميد الازدي الحميدي الاندلسي (ت488ه/1095م). - وعبدالعزيز بن عبدالوهاب بن ابي غالب القيرواني (ت495به/1101م). - واحمد بن عثمان بن مكحول (ت513ه1119م). - والحسن بن خلف بن بليمة الهواري القيرواني (ت514ه/1120م). - وابو الاصبغ عيسى بن محمد بن عبدالله بن عيسى بن مؤمل بن ابي البحر الزهري(530ه/1135م). فالعلماء كافة سواء أكانوا من المشرق أم من المغرب كانوا يعترفون بقدر هذه العالمة المحدثة الكبيرة فلا يشيرون اليها إلا بالتبجيل والتقدير والأدب، وقد شهدوا لها بالاتقان في الضبط والمقابلة والمعارضة والفهم قال عنها تلميذها ابو الغنائم النرسي: “اخرجت كريمة الى النسخة ب (الصحيح) فقعدت بحذائها وكتبت سبع أوراق وقرأتها وكنت اريد ان اعارض وحدي فقالت لا حتى تعارض معي فعارضت معها قال: وما قرأت عليها من حديث زاهر”. وصفها ابن الجوزي ب (العالمة الصالحة) والحافظ الذهبي ب (الشيخة) العالمة الفاضلة المسندة كما وصفها علماء المغاربة ب (الاستاذة) وب (الحرة الزاهدة) وقد ترجم لها التقي الفاسي ووصفها ب (العالمة) في ضبط كتابها. السخاوي في كتابه (التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة أتى على ذكر اثنين من اعلام المراوزة في المدينةالمنورة وهم: 1-ابو المنذر زهير بن محمد التميمي العنبري المروزي الخرقي (ت162ه/778م) وقال إنه كان يروي عن: حميد الطويل، وابي اسحاق السبيعي وعمر بن شعيب، وابن المكندر وانه قد روى عنه: ابن مهدي، وابو داود الطيالسي وابو عامر العقدي وجماعة وقال عن صاحب (الكمال) انه سكن المدينةالمنورة. 2- عثمان بن جبلة بن ابي رواد العتكي المروزي روى عن أهل المدينة وهو والد عبدان المروزي وروى عن: عمه عبدالعزيز وعلي بن المبارك الهنائي وعن شعبة كما روى عنه: أبوجعفر النفيلي، ومصعب بن بشير المروزي وغيرهم وثقة ابو حاتم في (الجرح والتعديل) وخرج له الشيخان وذكره صاحب (التهذيب) وكان من (ثقات ابن حبان). عبدالملك بن دهيش في تحقيقه لكتاب (أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه) للامام محمد بن اسحاق الفاكهي (ت بين سنة 272 و279ه) سرد اسماء شيوخ الفاكهي وكان منهم عدد من المروزيين. كما اشار ابن دهيش الى المصادر التي أخذ منها الفاكهي كان منهم: الامام عبدالله بن المبارك المروزي (ت181ه) الذي أخذ منه الفاكهي اربعة عشر نصًا اوردها في كتابه (اخبار مكة). والامام سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المروزي المكي (ت 227ه) أخذ منه الفاكهي 11 نصًا. والحسين بن حسن بن حرب المروزي ت 246ه / 860م أخذ منه الفاكهي 115 نصا. وانه مما يلفت الانتباه أن عدد العلماء المروزيين في بلاد الحرمين الشريفين كان قد أخذ في التضاؤل بعد القرن الخامس الهجري، بحيث لا نجد في معاجم شيوخ علماء الحرمين الشريفين الذين عاشوا بعد القرن السابع الهجري من أسماء العلماء المروزيين الشيوخ في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة إلا القليل ولعل هناك أسبابًا لتلك القلة قد تكون محل اهتمام الباحثين مستقبلا ويمكن ان تكون موضوعا ثرًا للبحث والتقصي فيه وسبر أغواره. وبعد فإن العلماء من المراوزيين المكيين سواء أكانت مجاورتهم في بلاد الحرمين الشريفين قصيرة لسنوات قليلة ام استوطنوا الحجاز وبقوا فيه حتى وافتهم المنية بأرضه ودفنوا به قد أثروا الحياة العلمية في الحجاز وغيره منذ فجر الاسلام وخلال عصور ازدهار الثقافة الاسلامية وحتى وإلى عصور متأخرة كانت غاياتهم من المجاورة غايات دينية وعلمية نبيلة وكان لهم دور كبير في تأصيل علوم الحديث رواية ودراية وفي علوم الفقه والمذاهب الاسلامية وفي علوم التفسير وكل مجالات الشريعة الاسلامية ومقاصدها كان جل الذين أتينا على سيرتهم من مصادر الطبقات وتراجم الرجال من اهل الزهد والتقشف والتقوى والعلم والصلاح لم ينشغلوا بجاه او سلطان او مال، ولكنهم كانوا من أفاضل الرجال ضمتهم ساحات الحرمين الشريفين منشغلين بالحلقات العلمية والدرس والتحصيل وتدوين التصنيف والافادة والاستفادة وقد بلغ بعضهم من العلم شأوا بعيدا حتى صارت الرحلة إليهم من سائر الحواضر في الشرق والغرب فأخذ عنهم الائمة الكبار الترمذي والنسائي وابو داود وابن ماجه والبخاري ومسلم وغيرهم. أما العلماء المراوزة الذين ارتحلوا الى الحج والعمرة وهم كثر لا تحصى اعدادهم فقد كانوا من غاياتهم ايضا طلب العلم والتواصل مع علماء الحرمين الشريفين وتسجل وقائع رحلاتهم رصدا بأسماء من سمعوا منهم واخذوا عنهم وتلقوا الاجازة منهم او من استجازهم من العلماء او من روى عنهم او من رووا عنه. (*) أستاذ علم المكتبات والمعلومات / أمين عام موسوعة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والمحرر الرئيس