كان من الطبيعي في ظل التردد والتناقض في الموقف الأمريكي والأوروبي إزاء ازدياد جرائم الإبادة الجماعية التي يمارسها نظام بشار الأسد ضد شعبه لأكثر من عامين سقط خلالها أكثر من 90 ألف ضحية وتحولت فيها غالبية المدن السورية إلى مدن أشباح بعد الخراب والدمار الشامل الذي لحق بها، كان من الطبيعي في ظل هذه الظروف طرق أبواب الأممالمتحدة، ليس عن طريق مجلس الأمن الذي يعتبره نظام الأسد سندًا له بسبب الفيتو الروسي والصيني الذي يستغله لمواصلة جرائمه الممنهجة ضد الأبرياء، وإنما إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انتصرت أخيرًا لصمود الشعب السوري وآلامه ومعاناته عندما أقرت ليلة أمس الأول مشروع القرار العربي الذي يدين انتهاكات نظام الرئيس بشار الأسد ويحمله مسؤولية استمرار العنف في البلاد. ما يزيد من أهمية القرار صدوره عشية انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في عمان، وعلى إثر اجتماع جديد بين وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف بعد بضعة أيام من اجتماعهما السابق، حيث اعتبر القرار رسالة للمؤتمر وللوزيرين بأن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل المزيد من جرائم القتل والتدمير والتهجير التي يرتكبها نظام الأسد في حق شعبه ضمن حرب طائفية بشعة، ولم يعد يحتمل دعم موسكو وطهران المادي والعسكري اللامحدود لهذا النظام، واستمرار حالة التردد والتناقضي التي تبديها واشنطن إزاء تلك الأحداث المأساوية، التي وصلت إلى ذروتها في قول الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقب لقائه بنظيره البريطاني دافيد كاميرون بأن واشنطن ستواصل الضغط على نظام الأسد لتوفير الدعم الإنساني ولتحضير أرضية التحول إلى سوريا ديمقراطية من دون بشار الأسد، ودعوته في ذات الوقت إلى جمع المعارضة السورية مع ممثلين في مؤتمر جنيف -2 المزمع عقده الشهر المقبل. ثمة أهمية أخرى لقرار الجمعية العامة فيما يتعلق بالشق منه الذي يطالب فيه بالاعتراف بالائتلاف الوطني السوري ممثلاً عن الشعب السوري في أي عملية انتقال سياسي، ذلك أن تحقيق هذه الخطوة لن يؤدي فقط إلى عزل نظام الأسد، وإنما أيضًا عزل الأطراف الدولية والإقليمية التي تدعمه وتقدم له سلاحًا قاتلاً يقتل فيه شعبه، وفيتو يعطيه الضوء الأخضر لمواصلة هذا القتل.