يقول المثل العامي: "قال يا فرعون مين فرعنك؟، قال ما لقيت أحد يلمّني"..! عندما أقف أمام بعض الحالات التي يتصف أصحابها بالديكتاتورية والاستبدادية، أتساءل من المسؤول عن هذا التحول الكيميائي الخطير من الحالة الإنسانية إلى الحالة المستبدة والمستأسدة، التي آثرت العيش والتعايش ضمن دائرة معتمة من العزة بالإثم والجور!. الديكتاتور المستبد هو من تُصوِّر له قناعاته المصنوعة أنه هو وحده ولا غير سيّد المكان والزمان والناس، وأنه ذاك الإنسان الذي تمتلك كلتا يديه الريشة والألوان، فيُحوِّر ويعبث ويُشوّه الصور ويطمس ملامح شخوصها ويقلبها رأسًا على عقب دون أن يقف أمامه أحد، أو ينبهه إلى خطورة فعله. لم تنبت تلك الحالات من تلقاء نفسها، وحسب التحليلات النفسية التي تفيد أن الديكتاتور هو إنسان مُورست عليه الديكتاتورية في صِغره فنشأ متشبِّعًا بها، وقام بممارستها على الآخرين. هل من الممكن أن يتحوّل الإنسان الطبيعي بين عشية وضحاها إلى ديكتاتور!.. لاشك أن مثل هذه التحوّلات وجدت من يدفعها إلى التمركز داخل دائرتها المغلقة! وأن هناك من يدفع بها إلى أن تُوسِّع من محورها وتزيد من عدد أقطارها؟! وهناك من يدفعها إلى التمدد حتى تقف حائلاً منيعًا ضد التنفس!. غذَّى المُهلِّلون والمُصفِّقون بأيديهم هذا الاستبداد، فانقلبت طاولته على رؤوسهم، فلا يحق لهم أن ينظروا إلى الدنيا وما حولها إلا من خلال منظوره هو! فإن أقر أنه يرى أن الكرة الأرضية مرّة مثلثة، فهي كذلك. وإن عاد في قراره وقال إنها مربّعة، فهي كذلك. وإن صرّح وقال إنها متوازية الأضلاع، فهي كذلك أيضاً. وما على المُتناثرين حوله والمُستسلمين القابعين تحت وطأته إلا أن يُشيدوا بقوله، ويرفعوا له القُبّعة تقديرًا لإبداعاته الفنية واعترافًا باكتشافاته العلمية!.. ليروا الصورة كما صُوِّرت لهم! فيضربوا بكل العلم الذي تعلّموه عن كروية الأرض عرض الحائط. كي ينجو بأنفسهم من صداع الديكتاتورية المستأسدة. حفظ الله الشعب السوري الشقيق.. وعجّل بنصرهم على الديكتاتور المستأسد.. [email protected]