في بدايات القرن الواحد والعشرين، وجدت نفسي أُردِّد مرارًا وتكرارًا مقولة والدتي رحمها الله وغفر لها (يا الله ديم علينا نعمة الأمن والأمان)، ووعيت تمامًا معناها وأبعادها. في هذا القرن يحتج الكل على الكل، والكل يحارب الكل، والكل يريد أن يغرس نصل خنجره في ظهر الكل، والكل دفعة واحدة يريد أن يصنع وطنًا له وحده!. في بدايات القرن الواحد والعشرين لم يبقَ على وجه البسيطة إنسان من أولئك الناقمين إلا وقد مارس بروتوكولات بعض تلك الحالات إن لم يكن كلها، وتشارك في ذلك معهم باقي الكائنات الأخرى التي تعيش معهم على نفس كوكبهم. في بدايات القرن الواحد والعشرين نرى كرتنا الأرضية وقد أصبحت كتلة من اللهب تتدحرج من السماء إلى الفراغ.. ثم الفراغ، وأحداث نتابع صورها فلا نرى سوى دول استنزف مقدراتها فكر القوالب المنشطرة. في بدايات القرن الواحد والعشرين أضحى العلم آلة حرب!، والتقنية آلة حرب!، وتحول الإنسان إلى آلة حرب أشد فتكًا، واستوطن الحجر والبارود والمدفع صوت العقل.. أزيز هنا ودوي هناك، وأشلاء تناثرت أوصالها بين أرصفة الحق المقيد والواجب المطلق. بلاي باك.. القرن العشرون.. لم أدرك لِمَ كانت والدتي وصويحباتها رحمهنَّ الله جميعًا يُردّدنَّ دومًا دعاء (اللهم ديم علينا نعمة الأمن والأمان)، ولم أعر هذا الدعاء أدنى اهتمام، ولم يدر في خلدي يومًا ما أن أولئك النسوة كن يمتلكن مهارة قراءة المستقبل فطريًا. مرصد.. بين أحداث زمنين نهاية قرن وبداية الآخر تأصل في أعماقنا ووعينا (الحمد لله على نعمة الأمن والأمان). [email protected]