هل بالفعل يوجد طفل صغير داخل كل واحد منا، أو -على الأقل- بقايا طفل عاش أيام الصبا بحلوها ومرها، ومازالت بعض آثارها حاضرة في نفسه وعقله؟! الطفولة -بلا شك- عالم فسيح، يستوعبنا ويحيط بنا فلا نكاد ننفك منه حتى وإن تقدم بنا العمر. ولكن إلى أي مدى ينبغي أن يبقى ويعيش معنا! كثيرون منا مدينون لطفولتهم التي عاشوها بإيجابية، ولوالديهم الذين ما بخلوا عليهم بشيء. ولكن آخرين مازالوا يعيشون المعاناة والألم التي مروا بها في طفولتهم، ولم يتمكنوا من تجاوزها حتى اليوم. الطبيعي أن كلاً منا مر بتجارب من النوعين، ولكن بدرجات متفاوتة. ومهما تكن آثارها، فإنه ليس من المعقول أن نتوقف عند ما حدث في طفولتنا، ونبقى أسرى له بخيره وشره. إن كنت ممّن مررن بتجارب سلبية في طفولتك، فأنت لست وحدك. ربما يكون الفارق بينكن وبين من نجحن من قبلك أنهن استطعن تجاوز تلك التجارب السلبية، وتعاملن مع واقعهن بإيجابية. تذكري أن التركيز على السلبيات وحدها يُعد أكبر سلبية يمكن أن تعيق فرصتك لتحسين حياتك والعيش فيها بسعادة وهناء. أنتِ الآن قادرة على تجاوز الماضي، وتمتلكين من الوعي والفهم ما يجعلك أكثر إدراكًا لما يفعله التعلق بتجارب سابقة على مستقبلك. نجاحك في الماضي يفتح شهيتك لمزيد من النجاحات، ويبعث التفاؤل في نفسك. أمّا التجارب الفاشلة والخبرات السلبية فلا تستحق منك أكثر من وقفة سريعة لتتعلمي منها كيف تتجنبين الأخطاء التي وقعت فيها سابقًا. توجيه اللوم لتربية والديك، أو لقسوة المعلمات اللواتي درسنك في طفولتك، أو للظروف الصعبة التي مررت بها لن يغير من واقعك شيئًا أبدًا. بل على العكس، قد يكون سببًا في التقوقع داخل السلبية، وإقناع النفس بأن التقصير والخطأ لست أنت المسؤولة عنه. انفضي عن كاهلك غبار الماضي، وانطلقي نحو المستقبل بروح طفلة متفائلة، ولكن اتركي تجاربها السلبية في صندوق مقفل، ولو تمكنت فضيعي المفتاح، فالمؤكد أنك لن تحتاجينه أبدًا. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود @mshraim [email protected]