أحياناً تجد نفسك تردد (لقد ضاع وقتي) تندم على وقت أهدرته دون أن تكون هناك حاجة لهذا الإهدار! تشعر بالغضب لأن الوقت الذي ضاع لم يكن به على الاطلاق ما يثير الابتهاج، ولم تكن مضطراً للقيام به، وما بين نومك على هذا الذي ضاع، وبين إهدارك هذا الوقت الآخر في الندم الذي تفرد له كل هذه المساحة، تنسى تماماً هذا التعلم المجاني الذي مررت به، تنسى أنك عبرت تجربة، واكتسبت خبرة خاصة بك أيا كانت سلبية أم ايجابية، هي في المحصلة خبرة، وإن اعتبرتها هذه اللحظة سلبية فإن لها نواحي ايجابية أيضاً، تجعلك تشعر بأنك تمارس الحياة فعلياً فلا تندم عليها! تجعلك تشعر بأن الحياة تتمثل قيمتها بمقدار التجارب التي تعيشها والناس الذين تتعامل معهم، وتلتقيهم، فبدون العبور على أرض هذه التجارب والاحتكاك الإنساني اليومي مع الناس لا يمكن أن نشكّل حياة سوية متكاملة! ومن غير الممكن أن نعزز دواخلنا، ومدى تأثرها بما يجري. يتحدث أحدهم عن سلبية الكثير من تجاربه، وهذا الحديث في حد ذاته يعتبر إيجابياً، لأنه يجعله مستمراً في البحث عن نتائج أفضل من خلال الدخول في تجارب يستفيد فيها من أخطائه، ويكرّس تلك الأخطاء في داخله بوعي، ليصل إلى ما هو أفضل! يقول إنه كان يخجل من كشف ما لديه من خطط، أو طاقات كامنة من الممكن أن يحققها، ولكنه في الفترة الأخيرة حاول أن يهتم بما يريد، أو بحلمه كما يقول، وان يبحث له عن دور آخر! انتقل إلى مرحلة البحث عن دور آخر بعد أن شعر أن الدور الذي يقوم به لم يعد مناسباً له، ولم يعد بإمكانه القيام به! قرأ ذات يوم وهو يحاول العثور على ما لديه (أن الحياة تعطينا فرصة لأن نلعب أدواراً كثيرة ومختلفة، نختار بعضها، وبعضها الآخر يبدو وكأننا انزلقنا إليه، وقد نلعب هذه الأدوار أحياناً بوعي منا، وأحياناً من دون وعي، لأننا نرغب في الحفاظ على توازننا! ولكن هل حاولت يوماً التفكير بأن عليك أن تلعب دوراً أهم من الذي تقوم به الآن؟ ما الذي تفعله مثل هذه الفكرة داخلك؟ هل عليك أن تسكتها، أم تغذيها؟ تقول إحدى خبيرات قوة الذات (إن الاستمرار في لعب الدور نفسه بعد بلوغ مرحلة الرشد يخلق الكثير من المشاكل على الصعيد الشخصي، فينعكس ذلك على من حولك، فعندما تحافظ على دورك مهما كان الثمن تكبت نواحيَ أخرى من نفسك، نواحي تود فعلاً أن تعبر عنها، وتظهرها إلى العلن، لكن هذا الواقع ليس حكماً مؤبداً إذ يمكنك ان تغير دورك والسلوك المرافق له! إذا تعرفت على نفسك، ووجدتها في أحد الأدوار، فمن المهم جداً أن تعرف رأيك الحقيقي بالأمور، وشعورك الصادق حيالها، ففي أعماق كل واحد منا، مازال يسكن ذلك الطفل الصغير الذي كنّاه، حاملاً إمكانات رائعة، ما الذي يريد هذا الطفل أن يعبر عنه؟ وما الذي يشعر به الطفل في داخلي؟ وما الذي أستطيع أن أفعله كي أجعل صوت الطفل الذي في داخلي مسموعاً؟ وما الذي يجعلني أخاف من أن أتخلى عن الدور الذي ألعبه حالياً؟ من المؤكد أنك لو بحثت جاداً عن دور حقيقي لك في الحياة تستسيغه وترضى به بديلاً عن دورك الهامشي، والذي لم تكن تحبه سيكون هو الطريق الذي تصل من خلاله إلى نفسك، وسيكون لمن حولك رد فعل على التغيير الحاصل ، وسوف يكتشفون بسرعة حقيقتك، ويتعلمون كيفية احترام خياراتك الجديدة (لست مجبراً أن تظل كما أنت) وتلعب الدور نفسه طوال حياتك، يمكنك أن تقرر ماذا تريد؟ وأن تبدأ في الانتقال للعيش داخله لتشعر بأنك أكثر سعادة وصحة وتكاملاً، وتشعر بالرضا عن القرار الذي اتخذته ، فقط عليك أن تكرر العبارات التالية كل يوم (ها أنا أصبح التغيير الذي أريده لأنتقل إلى دوري الجديد، الأوسع نطاقاً، أنا أتمتع بالإصرار الشديد أنا أريد ذلك الدور الأكبر إنني ابحث وأجد طرقاً تساعدني على التقدم نحو لعب دور أكبر، ودوري هذا يتعاظم يومياً، كلما ازداد بحثي!). هل بإمكانك وأنت الثابت في مكانك ملامسة هذا التغيير؟