لا يزال معظمنا يتذكر اصطاف الطلاب وأولياء أمورهم أمام محلات وورش الخطاطين لكتابة الوسائل التعليمية، إذ كانوا آنذاك عملة نادرة في السوق، أما اليوم فقد بات من المألوف رؤية عشرات المحلات في الحي الواحد، يتصدر معظمها خطاطون (أعاجم) من جنسيات مختلفة. وبالرغم من عدم إتقانهم اللغة العربية بشكل سليم إلا أن ذلك لم يكن عائقًا أمامهم في ممارسة عملهم الفني، حيث يقومون بكتابة لوحات المحلات التجارية والوسائل التعليمية بمساعدة برامج الخطوط العربية المنتشرة على شبكة الانترنت. فيقول عباس أحمد (33 عامًا)، وهو شاب باكستاني يعمل خطاطًا في محل جنوبجدة، أنه يحب الخط العربي منذ طفولته، لذلك قام بتعلم أبجدياته ومن ثم فتح محل مع شريك له من الجنسية البنغلادشية لتصميم وعمل اللوحات. ويضيف عباس الذي أمضى 9 سنوات في محال الخطاطين: «العمل بالحاسوب أفضل وأتقن منه باليد، ولكن يتطلب ذلك دقة شديدة ووقت كافٍ لعمل اللوحة، ولأن العمل بالحاسوب يتطلب بذل مزيد من الألوان والرسومات فإن الأسعار تكون مرتفعة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال تبلغ قيمة لوحة (مترين في متر) حوالى 80 ريالاً». وعند مدخل أحد محلات الخطاطين وجدنا الخطاط والرسام الباكستاني أرشد محمود (50 عامًا) الذي قال: «إنه تشرب هذه المهنة منذ أن كان طفلا في قريته بباكستان منذ 25 عامًا، حيث تعلمها على يد أحد أشهر الخطاطين في بلاده». وأضاف: «أمضيت في جدة 15 عامًا رسامًا باليد، وفي الآونة الأخيرة أصبح معظم طلبات الزبائن عمل لوحات بالكمبيوتر، لذلك استعنت ببرامج الحاسب في تصميم اللوحات وإخراجها مع بقاء لمسة اليد فوق كل ذلك». وزاد بلهجة عربية معوجة: «هذه المهنة تطلب ذائقة فنية عالية جدًا إضافة إلى وجود حس في اختيار الألوان المناسبة»، مشيرًا إلى أن الخط العربي هو نتاج ثقافة مشتركة لذلك لا يشعر بالحرج من ممارسة هذه المهنة. وعن أنواع الخطوط المستخدمة في الحاسب قال: «أغلبها نقوم بتحميلها من الإنترنت حيث تحتوي على كافة أشكال وأنواع الخطوط ومن ثم نقوم بطباعتها وتنسيق ألوانها على برامح حاسوبية مثل برنامج (فوتوشوب)، إضافة إلى عدد من برامج الرسم والتصميم العالمية»، منوهًا إلى أن معظم الزبائن يطلبون الرسم أو خط جمل معينة على لوحات ولافتات كبيرة. وحول مدى تمكنهم من عدم الوقوع في أخطاء لغوية أو نحوية، قال: «نحاول قدر الاستطاعة ألا نرتكب أخطاء فادحة، ولكن مع الأسف بعض الزبائن العرب هم سبب ذلك»، مشيرًا إلى أن بعضهم يعتمد الصيغة المطلوبة بالرغم من وجود أخطاء، ولكن أحيانًا أقوم بتفاديها عن طريق التصحيح اللغوي الإلكتروني.