تقول: «أصبت بوعكة صحية شديدة استلزمت اجراء عملية جراحية عاجلة لي، وقد حضر الطبيب المعالج وطلب مني أن أتصل بزوجي ليحضر عاجلًا فالأمر لا يحتمل الانتظار!! أجبته: بأن هذا شأني الخاص ولا علاقة لزوجي بالموضوع، فهي صحتي وأنا من سيتحمل النتائج.. لكنه أصرّ وطلب حضور زوجي عاجلًا.. وعند حضوره جلس معي وتناقشنا سويًا عن الآثار المترتبة على العملية وعليّ صحيًا.. واتفقنا على اجرائها.. وبعد اجرائها سألت الطبيب لماذا أصرّ على أن يوقع زوجي على العملية رغم أنها صحتي وحياتي.. فأجاب بأنها أنظمة المشفى!!». وتتساءل صديقتي: «هل من الممكن أن يتحكم بك وبصحتك وبمستقبلك شخصٌ آخر؟؟ أيعقل أن يكون هناك شخص يشعر بك ويهتم بك أكثر من نفسك؟؟». واسترسلت تقول: «الله سبحانه وتعالى أمرنا رجلًا وامرأة، وكلفنا رجلًا وامرأة، وسيحاسبنا رجلًا وامرأة.. لن يُؤخذ أحد بجريرة أحد، فكل إنسان مسؤول عن نفسه وعن أعماله، ويتحمل نتائجها يوم الحساب.. لماذا نجعل وسائط من البشر يتولون اتخاذ قراراتنا الخاصة نيابة عنا، ويتحكمون بمصائرنا؟». رغم اتفاقي معها في جزئية أن كل انسان مسؤول عن قراراته الشخصية، ما لم تتناف مع الدين والعرف أو تؤثر سلبًا على الآخرين.. إلا أنني أرى أن البعض استغل مفهوم الحرية الشخصية، وأسبغ عليها من أهدافه ونزعاته الفردية، فجعل من الحرية شماعة يعلق عليها تصرفاته اللاأخلاقية، ونزواته المنحرفة، فنزع الحياء، ولبس التعري.. حتى أصبح التعري ظاهرة خاصة بالمرأة، فعندما تريد أن تعبر عن اعتراضها أو اثارة قضيتها، ليتجمهر عليها الاعلام ويلتقط لها الصور وتتناقلها الألسن وتظن بأنها حققت مرادها ووصلت لما تريد، ولكنها مع الأسف تحصل على خيبتين، خيبة جسدها العاري المبتذل للجميع، وخيبة عدم تحقيق مطالباتها التي سعت من أجلها.. والسؤال: هل العري يحقق لها ملكيتها لجسدها وبأنها حرة بما تفعل به؟ أم أنها هي من يحافظ عليه، ويبعده عن أعين المتطفلين، بالستر والحشمة؟ أذكر في لقاء على هامش مؤتمر الأممالمتحدة «دور الإعلام والإعلاميين في التنمية البشرية» الذي أقيم في مدينة الرياض عام 2006م، الذي نوقشت فيه قضايا المرأة والطفل، كان من أبرز ما تم التركيز عليه هو الحرية الفردية.. وبالحوار اتضح أن الحرية لطرف دون الآخر، أي بأن الحرية للمرأة أن تفعل ما تشاء دون حساب أو اعتبار لأي شخص أو قانون أو غيره.. وإن كانت قضية قيادة السيارة مسيطرة على المطالبات آنذاك، إلا أن السقف كان أعلى من ذلك بكثير، فالحديث عن الحرية الجنسية خارج نطاق الزواج، والتثقيف الجنسي للأطفال في سن مبكرة، والتعليم المختلط، وحرية اللباس، والمساواة وغيرها من الأمور التي لا تتفق مع قيم ودين معظم المجتمعات ناهيك عن الإسلام وفي بلد الحرمين.. وركز المؤتمر على بحث دور الإعلام والإعلاميين في تحقيق التنمية البشرية المستدامة في البلاد وإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية. وها نحن الآن نقترب من نهاية الفترة الزمنية المحددة لتحقيق تلك الأهداف.. فالأمر أكثر من كونه حملة «جسدي ملكي» بل هو امتداد لتنفيذ توصيات مؤتمرات الأممالمتحدة، التي لم تجد ما تقوم به من حلّ أزمات المهجرين واللاجئين والمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، إلا أن تفسح المجال للتحلل الأخلاقي والقيمي في المجتمعات المسلمة.. وحيلتها كما حيلة البليد «مسح السبورة»!!. [email protected]