سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
آدم وحديث إنما النساء شقائق الرجال جاء الخطاب القرآني موحدا في مدلول أحكامه للجنسين معا الذكر والأنثى، مختزلا إياهما في اسم واحد، وهو اسم آدم بلفظه المفرد وصيغته المذكر للدلالة عليهما
فسر العلماء لفظة شقائق في الحديث النبوي الصحيح أي نظائر وأمثال، وهذا يعني لي أن المرأة والرجل متناظرين متماثلين في الخلق والتكوين والابتداء، وليس وفق ما صوّرته التوراة في الإصحاح الثاني من سفر التكوين من أنها قد خلقت من أحد أضلاع الرجل. كما أن الحديث النبوي يتّسق تماماً مع مدلول الآيات الكريمات التي لم تُفرِّق بين جنس المرأة والرجل في أصل التكوين، فالله في حكايته لبدء الخلق عبر بقوله: (وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأٍ مَّسْنُونٍ) فدلت الآية الكريمة على وحدة النوع البشري حال بدء الخلق، وهو ما يتضح بجلاء أكثر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً)، وقوله جل وعلا: (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا)، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن أصل الخلق للجنسين كان واحداً، وهو التراب الذي يعني باللغة العبرية آدم. لأجل ذلك فقد جاء الخطاب القرآني موحدا في مدلول أحكامه للجنسين معا الذكر والأنثى، مختزلا إياهما في اسم واحد، وهو اسم آدم بلفظه المفرد وصيغته المذكر للدلالة عليهما في مجمل الآيات، كما في قوله تعالى: (إنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى)، ويتجلى ذلك الاختزال بوضوح في قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى* فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى). ولاحظ كيف ابتدأ الله الخطاب بصيغة المفرد المذكر في قوله: (قَالَ يَا آدَمُ)، وكيف أنهاه بصيغة المفرد المذكر في قوله (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ)، على الرغم من أن النهي والوسوسة والإثم قد وقع على الجنسين الذكر والأنثى، وهو ما يدل على أن المقصود من ذكر اسم آدم هو للدلالة على هوية طبيعة الجنس المخلوق من تراب وليس للدلالة على نوعه الذكوري، ولذلك كان استغفارهما كليهما وإقرارهما بظلمهما لأنفسهما، وليس استغفار وإقرار أحدهما دون الآخر (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ). ويزداد الأمر جلاء حين يتدبر المرء تأكيد الله للوحدة الذاتية لمدلول اللفظة آدم في استجابته لدعائهما بصيغة المفرد المذكر بقوله: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، وحتما المقصود في الآية كلا الجنسين الذكر والأنثى وليس أحدهما، باعتبار اشتراكهما في ارتكاب الخطيئة، واشتراكهما في الندم على ذلك وطلب التوبة. بقي أن أشير إلى أن لفظة الزوج في قوله: (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) تدل على الذكر وليس الأنثى. [email protected]