قتل 22 شخصًا على الأقل في اشتباكات عنيفة دارت في بورسعيد (شمال القاهرة) بعد إصدار محكمة مصرية أمس السبت أحكاما بإعدام 21 من أبنائها متهمين بالتورط في قتل 74 شخصًا العام الماضي في استاد المدينة معظمهم من مشجعي فريق الأهلي لكرة القدم، يأتي ذلك، فيما هددت جبهة الإنقاذ الوطني فى مصر (تجمع القوى المدنية) بمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة وبالتصعيد والعودة للاعتصام والمظاهرات اعتبارًا من الجمعة المقبلة، مالم تنفذ الرئاسة الشروط الخمسة التى انتهت إليها في اجتماعها الطارئ أمس بمقر حزب الوفد، وتضمنت تعديل الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإخضاع جماعة «الإخوان المسلمين» للقانون. وقرر الجيش المصري الانتشار في المدينة للسيطرة على الموقف فيها كما انتشرت البوارج الحربية في مناطق متفرقة من المجرى الملاحي لقناة السويس تحسبًا لوقوع اي أعمال تخريبية، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، وقال مراسل «فرانس برس»: «إن الرصاص يدوي في جميع أنحاء محافظة بورسعيد وخاصة أمام السجن وأقسام شرطة الشرق والعرب والمناخ»، وأضاف: «إن بعض المحتجين هاجموا بعد الحكم مبنى السجن برشاشات ثقيلة مثبتة على شاحنات صغيرة بينما اعتلت الشرطة أسطح المنازل المجاورة لمبنى السجن وكانت ترد على المحتجين بإطلاق النار والغازات المسيلة للدموع». وأوضح أن المحتجين الغاضبين حاولوا اقتحام مبنى إدارة قناة السويس في بورسعيد، إلا أن الشرطة تصدت لهم قبل وصول الجيش الذي طوق المبنى تمامًا وتولى تأمينه. كما تعرض مبنى شركة الكهرباء الحكومية للهجوم وأضرم بعض المحتجين النيران في مبنى إداري تابع لها، وأعلنت وزارة الصحة المصرية أن حصيلة العنف بلغت (حتى عصر أمس) أكثر من 22 قتيلاً وأكثر من 200 مصاب، واندلعت الاشتباكات بعد دقائق من إصدار محكمة الجنايات التي انعقدت في ضاحية التجمع الأول بشرق القاهرة حكمًا بإعدام21 من إجمالي 73 متهمًا، وبدأت أعمال العنف عندما حاولت مجموعة من أهالي المدانين اقتحام السجن المحبوسين فيه مطلقين النيران على قوات الأمن، وكان مصدر أمني أكد أن «ملثمين أطلقوا النار بأسلحة آلية على قوات الشرطة الموجودة في محيط السجن ما أدى إلى مقتل شرطيين وإصابة اثنين» آخرين، وتابع أن المدينة شهدت اشتباكات عنيفة استخدم فيها الرصاص والخرطوش (رصاص بنادق الصيد) والمولوتوف والحجارة وحالة من الكر والفر بين الأهالى والشرطة. وكان قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي أعلن بعد الظهر إنه «تقرر الدفع بعدد من وحدات الجيش الثاني للعمل على تحقيق الهدوء والاستقرار في مدينة بورسعيد وحماية المنشأت العامة». وفي المقابل، عمت فرحة عارمة أهالي ضحايًا مأساة بورسعيد الذين تجمعوا داخل المحكمة وخارجها فور صدور الحكم ورددوا هتافات «يحيا العدل، يحيا العدل» و»يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاح»، وقالت والدة محمد شكري وهو شاب من مشجعي الأهلي قتل في استاد بورسعيد إنها «سعيدة بالقصاص» مضيفة «سأنام بارتياح فحق ابني عاد»، وأكد والد محمد مصطفى وهو أحد الضحايا والدموع تنهمر من عينيه «الحكم مرضي لكني انتظر القصاص لمن دبر القتل»، في إشارة إلى مسؤولين في الداخلية يتهمهم مشجعو الأهلي وأسر الضحايا بالتحريض على هذه المأساة، وتشمل قائمة المتهمين في القضية تسعة من رجال الأمن، إلا أن المحكمة لم تصدر بعد الحكم بحقهم وأعلنت أن الحكم النهائي شاملاً كل المتهمين سيصدر في التاسع من مارس المقبل بعد أن يرد للمحكمة رأي المفتي في أحكام الإعدام وهو إجراء روتيني إذ جرى العرف على موافقة الأخير على إحكام القضاء، وصدر الحكم في أجواء من التوتر بعد أن هدد مشجعو فريق الأهلي المعروفون ب»ألتراس أهلاوي» باشاعة «الفوضى» ما لم يقتص القضاء من المسؤولين عن «مجزرة بورسعيد»، وتأتي أعمال العنف في بورسعيد في أجواء من التوتر السياسي غداة مقتل تسعة أشخاص في اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مناهضين للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المنتمي إليها في الذكرى الثانية لإنطلاق الثورة التي أسقطت حسني مبارك عام 2011. وهددت جبهة الإنقاذ في بيان السبت بمقاطعة الانتخابات التشريعية، التي ينتظر إجراؤها في مارس أو أبريل المقبلين، أن لم تستجب السلطة إلى مطالبها وخصوصًا تعديل الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإقالة النائب العام وإخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون، وقالت الجبهة: «إنه إذا لم تتم الاستجابة لمطالبها (خلال الأيام القليلة القادمة) فإنها ستدعو إلى التظاهر مجددًا الجمعة المقبل من أجل إسقاط الدستور الباطل، والعمل مؤقتًا بدستور1971 المعدل، وللشروع الفوري في تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة»، وأعلن رسميًا أن الرئيس المصري دعا صباح أمس إلى اجتماع لمجلس الدفاع الوطني الذي يضم عدة مسؤولين حكوميين وعسكريين. وكان مرسي أكد ليل الجمعة السبت في تغريدات على تويتر: «إن الدولة ستبذل قصارى جهدها لتأمين المظاهرات السلمية وملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة، داعيًا جميع المواطنين إلى التعبير عن الرأي بشكل سلمي ونبذ العنف».