لقد خلق الله تعالى الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحه، وكرمه وفضله على كثير من خلقه، قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا). فالكرامة الإنسانية،هبة إلهية، ومنحة ربانية، لكل إنسان على ظهر هذه البسيطة، بصرف النظر عن جنسيته أو لونه أو عرقه، وإن حماية هذه الكرامة لمن أعظم المقاصد التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، ومن أهم الأمور التي أكد عليها وشدد على صيانتها وحرص عليها أشد الحرص نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، حتى في باب العقوبات، فلا مثلة في القصاص، ولا إهدار لمعاني الآدمية عند النطق بالحكم بالعقوبة، ولا سب ولا شتم ولا إهانة للمتهم أو المدان، جاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب فقال: اضربوه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم: أخزاك الله، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان. فما أحوج أمة الإسلام في هذه الآونة إلى استلهام هذه المبادئ السامية، التي أرسى دعائمها نبي الرحمة صلى الله عليه و سلم، ولا سيما في هذا الزمان الذي يعيش فيه إخوة لنا أوضاعًا مؤسفة، وأحوالًا مؤلمة، خاصةً في سوريا وبورما وفلسطين، حيث تهدر الكرامة، وتنحر الإنسانية على أيدٍ باغية، وشرذمة طاغية، لا تخاف من الله سبحانه، ولا ترقب في مؤمن إلًا ولا ذمة، ما يحتم على أمة الإسلام أن تقف صفًا واحدًا وبكل الوسائل الممكنة لصد هذه الاعتداءات، ورد الكرامة المنتهكة لإخوانهم المسلمين. [email protected]