انباؤكم د . ناصر بن عبدالرحمن بن ناصر الحمد الحمدلله أما بعد : فإن الإسلام هو دين القيم دين السماحة دين المودة والرحمة والعدل كيف لا وقد قال سيد الحنفاء وإمام الرحماء صلى الله عليه وسلم : (بعثت بالحنيفية السمحة ) قال بن القيم رحمه الله تعالى : (جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة، فهي حنيفية في التوحيد سمحة في الأخلاق، وضد الأمرين: الشرك، وتحريم الحلال). إن الإسلام لم يكن يوما مبنياً على أحقاد أو شحناء ولا على كراهية أو بغضاء إنما كان أساس بناءه الأول الأخوة وتقديم العدل والرحمة وإشاعة لغة المودة بين المجتمع وحب الخير للناس (واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) ها هوالطفيل بن عمرو رضي الله تعالى عنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم غضبان أسفاً على قومه قال : إن دوسا قد هلكت عصت وأبت فادع الله عليهم فقال صلى الله عليه وسلم:(اللهم اهد دوسا وائت بهم ) لم يكن همُّ النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام ولم تكن يوما منيته أن يكون مآل أعداءه النار أو ينتقم منهم بذلك بل كان همُّه الأكبر أن يهديهم للحق حتى قال الله تعالى له (فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) كلامنا هذا في الكفار المعاندين فكيف بمن تربطنا بهم رابطة الإسلام والدين الذي هو فوق أي لحمة أو علاقة أو صلة . إنها العلاقة التي لابد أن يرسمها الحب للخير في كل المعاني وان تسوقها المودة على جميع المباني فإنه لا ينبغي لأحد يدين بدين الحق أن يعين الشيطان على أحد من المسلمين حتى ولو ألمَّ ببعض الكبائر أو أحاط بكثير من الصغائر. لن أكتم سراً أني وأنا أقرأ بيان أختنا (منال الشريف) بعد خروجها من التوقيف أنه أصابتني فرحة عارمة عامرة وخالجتني كلمات عالية فاخرة وعيناي تقرآن مايقر به الجنان ويشكره اللسان لقد كان كلاما جميلا خارجا من القلب يدل على الندم والتوبة عن طريق المطالبة الغير مشروعة وإثارة السبل الممنوعة ومخالفة ولي الأمر المسلمين وإدخال السرور على الحاقدين على هذا البلد الأمين خاصة في أزمنة الفتنة وتربص الأعداء الألداء على بلد الخير والإباء وحين قالت : (وأما موضوع قيادة المرأة للسيارة فسوف أترك تقريره لولي الأمر الذي سيكون أعرف مني بتقدير مصالحه ومفاسده، وهو الذي سيراعي الظروف التي تجعله محققاً للمصالح ودافعاً للمفاسد، مرضياً لله تعالى، موافقاً لشريعته.) لقد رأيته كلاما جميلاً ملؤه الروعة والحسن والاعتذار الرفيع والبيان البديع . ومما يدل على نبل أخلاقها وحسن ذوقها أن قالت (سامح الله الجميع، وأتمنى من كل قلبي أن يعفو الله عنهم أذيتهم الكبيرة لي( لأنها تعلم أن دافع أكثرهم ليست شخصية بل لأجل ما أثارته القضية . ولعل أروع ما قالت هو حين ختمت حديثها بقولها (أسأل الله تعالى أن يغفر لي جِدّي وهزلي وما قدّمت وما أخّرت. إنه هو الغفور الرحيم( ونحن نقول اللهم آمين ونحن كذلك يا أختنا منال فكلنا ذوو خطأ ولكن خير الخطائين التوابون وليست القضية يا أختنا في الخطأ بل القضية في الاستمرارعلى الخطأ ولاشك أنها بكلامها هذا وندمها أثبتت أنها المواطنة الصالحة التي قطعت فتنة المفتونين في السعي للفوضى في أرض الحرمين حين قالت وبعد خروجها من التوقيف لاداخله : (أترك تقريره لولي الأمر الذي سيكون أعرف مني بتقدير مصالحه ومفاسده) لقد اعتذرت بشجاعة واضحة بينما لم يعتذر الكثير مثل اعتذارها وحسن ندمها وإننا مع تقديرنا لهذا الندم أيضا لنقدُّر لأختنا منال أي تفوق او نجاح كان في حياتها العلمية أو العملية ونتمنى لها التوفيق والسداد في جميع مجالات الحياة . ولاشك أنَّ نجاح أي امراة في هذا البلد الأمين أو تفوقها في دراسة أو تدريس أو برنامج أو ابتكار أو غيره مما لا يخالف الشرع أنه شامة فخر على جبين كل أحد عاقل في هذا البلد العظيم . ولا ينبغي لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتجرأ على أختنا منال بعد ندمها فإن ذلك مما حرمه الشرع المطهَّر فقد جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب قال اضربوه قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان) فالكلمات الجارحة لها والشاتمة ليست في ميزان الشريعة في شيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن طعانا ولا لعانا ولا فاحشا ولا بذيئا . وأخيرا نقول هنيئا لك أختنا منال ويغفر الله لك ...