كنت سأُكمل مابدأت الأسبوع الماضي عن الطالب الجامعي ( الظالم والمظلوم ! )، ولكن مقال د. محمد بن عبدالله آل عبد اللطيف ( الإنجاز والإحباط )، المنشور في جريدة الجزيرة العدد 14698 بتاريخ 12 /2/ 1434 ه - والذي أنصح بقراءته - دفعني لمراجعة الكثير مما كُتب عن التعليم العالي ( سلباً وإيجاباً )، وكم أدهشني سلبية أغلب ما تم نشره وتداوله. بل وتحامل الكثيرين على التعليم العالي خططاً ومناهج وجامعات ورجالات تعليم من غير دليل أو التزام بنهج علمي أوموضوعي في كثير من الأحيان. ولأننا نحترم حرية الرأي وندعو لها، فلا بأس من قبول ذلك كله والنظر فيه ! ولكن . . أن يكتب من يكتب بروح منفعلة أو متشنجة أو باحثة عن الممارسات الخاطئة، ومن دون تقديم حلول أو بدائل لما ينتقد في التعليم العالي , ففي رأيي المتواضع أن هذا هو النقد الهدّام بعينه, الذي لن يقدّم أي خدمة نحو النهوض بالتعليم العالي. وليثق كل القرّاء أنني لن أكتب في مقالي هذا مدحاً لشخص أو دفاعاً عن جامعة أو تقريظاً لممارسة أكاديمية، فلهذا الفنّ أهله الحاذقون فيه !. لكنني عُدت لكتابات العديد من الكتاب الأمريكان حول التعليم العالي الامريكي ووجدت عجباً ! . فمثلاً , د / روزنستون عميد كلية الآداب في جامعة مينسوتا في مقالة بعنوان: التحديات التي تواجه التعليم العالي في أمريكا: الدروس والفرص يستهل مقالته منذراً( بأن التعليم العالي في أمريكا في مأزق عميق) ويتبعه بحديث تفصيلي عن التحديات والحلول بأسلوب شيق وحاسم ودقيق . . إنه ببساطة يتحدث حديث العارف ويمارس النقد البناء بكل مصداقية يعترف وزير التعليم الاتحادي الأمريكي في إجتماع TIME Higher Education Summit هذا العام (أن التعليم العالي – الامريكي - يقترب من مفترق طرق، و يواجه اليوم ثلاثة تحديات كبيرة وهي: تكلفة الدراسة المرتفعة جدا، و انخفاض نسبة الانجاز لدى الطلاب، وأخيراً ضعف آليات المساءلة في التعليم العالي لتحسين التحصيل والإنجاز.) ويحدد البدائل والحلول بشفافية ! ياسادة . . هل لدينا مشاكل في التعليم العالي . . ؟ نعم وبكل تأكيد، هل هناك تميز فردي نوعي لكل جامعة ؟ وهل هناك استقلالية كاملة لجامعاتنا ؟ بالطبع لا !! . هل أساتذة الجامعات بالمستوى الذي نأمله ؟ . . لا , هل تقدم مناهجنا الأكاديمية الوصفات لتعليم مبني على التجريب والنقاش المفتوح والعودة الى المراجع ولا يمارس فيها التلقين . . ؟ لا , هل مستوى البحث العلمي لدينا كما نطمح أن نراه ؟ وهل دعم البحث العلمي يكفي ابتداء ؟ الاجابة على كل ذلك ... لا !! والأسئلة كثيرة من هذا النوع . لكن . . هل المطلوب أن نكتب فقط لأجل أن نكتب وننتقد ونسود الصحائف؟ هل نمارس جلد الذات، ونستغل كل ذلك للتشهير، وتسجيل المواقف وتصفية الحسابات؟! والانتقام الممنهج ممن يجتهدون فيخطئون ويصيبون ... كدأب كل المجتهدين .؟ إنها دعوة للنقد البناء وطرح الحلول والتحلي بروح المواطنة بصدق . . وبالله التوفيق . وكيل جامعة الطائف للتطوير والجودة