بعضنا ليس البعض بل الكثير، ربما غالبيتنا يشبهون بعض مؤسساتنا، ليس بعضها ولا الكثير منها، بل غالبية مؤسساتنا في غلبة التنظير على التطبيق، وإن شئتم ارتفاع معدلات (هياط) الشكل على جوهر المضمون، وبعبارة أخرى غالبيتنا -أفرادًا ومؤسساتٍ- نعتنق تنظير القيم والمبادئ والنظريات (ننافح ونحاضر ونتفلسف ونحارب) على المنابر، وفي المجالس، وعلى الورق، وفي ساحات الحوار، ومواقع التواصل الاجتماعي، ونعد التنظير فرض عين لا يتأخّر عنه إلاّ منافق، أمّا حين يأتي دور التطبيق فالأمر لا يعدو فرض كفاية، إن قام به البعض سقط عن الباقين! والغالبية ليس لديها الوقت لغير الكلام عن القيم والجمال والمثاليات والمفروض حتى أنها ليس لديها الوقت لتحسد الفئة القليلة صاحبة مبادرة (الكفاية) أو لتتأمل كيف يتمكن هؤلاء من تطبيق ما ينادون به، من أين يشترون الوقت لكل هذا؟! من القيم الإدارية في الحياة الشخصية والمهنية (عملية التخطيط) لا نمانع كلنا في الحديث عن أهمية التخطيط ودوره العظيم في توفير الوقت والجهد وتلبية الحاجات واستيعاب المستجدات والتعامل مع الطوارئ لكن 90% منا لا يخططون وال10% الذين يخططون لا يخططون إلاّ 10% من أعمالهم فقط! مثلاً في أكثر مراحل الحياة أهمية لا نلحّ على التخطيط، فأغلب الزيجات تتم بنظام (حبحب على السكين) للجنسين، ثم لا يخطط (البطيخ وبطيخته) للإنجاب، فالأمر متروك للقدر، ثم حين يدب ضحايا (البطيختين) على الأرض تظهر معضلة الوقت التي تحول دون التخطيط لتربية الأطفال، فالأبوان مشغولان دائمًا ولا يكادان يجدان ثانية فراغ ليحك أحدهما رأسه فكيف يجد المتسع من الوقت والحنان والصبر والرحمة والمودة والإحسان يااااااااااه أرأيتم كيف أنه بالفعل لا يوجد وقت للتربية التطبيقية (فرض الكفاية)، ولهذا بعضنا بل كثير منا لا تبتئسوا إن قلت غالبيتنا يربي نظريًّا (فرض العين) لكننا والشهادة لله، لا يقصر أبدًا يربي نظريًّا بضمير ملتهب، وفي اليوم يذكر ابنه عشرات المرات: (يا ولدي أبيك تصير رجال) ويعاتبه (ورا ما تصير رجال)؟! ويوبخه (ما قلت لك تصير رجال)؟! وفي الآخر نتساءل: (ليه ما طلع رجال)؟! [email protected] [email protected]