علاقتنا بالتخطيط تشبه علاقتنا بسطح القمر ، لا نحسن الوصول إليه ، و لا نحققه ، و لا نشعر أن ثمة ما ينقصنا إن لم نصل إليه ، و لذا فسيان إن خططنا أو بقينا نعيش ( بالبركة ) كما نفعل دوما عملا بميراثنا العريق ( مشيها تمشي ) ليستمر مسلسل ( الدجة ) و يستوي في العلاقة الهشة مع التخطيط المؤسسات و الأفراد ، فمثلا كمؤسسات أنجزنا التعداد السكاني عدة مرات ، و في نهاية المطاف تفاجأنا بحاجتنا للمزيد من المدارس و الجامعات و المستشفيات و الوحدات السكنية ( و كأنك يا بو زيد ما عديت ) ، بل إننا أحيانا نقترف نوعا من التخطيط العكسي فآلتنا التنفيذية هي البيروقراطية التي تبدو كالماموث الرابض على ظهر سلحفاتنا الإدارية كثيرا ما قلبت السلحفاة و غيرت اتجاه السير سنين طوالا قبل أن نكتشف أننا نمشي للخلف ، و لذا فكثير من أحلامنا تتبخر قبل أن نبلغ الهدف ( من قال : هدف ؟! أستغفر الله العظيم ) . أما كأفراد فنحن أيضا لا نحفل كثيرا إن مضت حياتنا ( كيفما اتفق ) بلا خطط و بلا أهداف ، فلا أحد يموت قبل أن يستوفي رزقه ، والله سبحانه و تعالى هو الذي يخطط لحياتنا مقاديرها ، ولكن ما أن يقترب شهر رمضان الكريم و حين أقول يقترب أقصد حين يهل شهر رجب ، نتحول لورشة تخطيط بحجم المملكة ، مقرها المتاجر و المطابخ ، و تصبح كل رسائل البث الخلوي التي نتبادلها وصايا لوصفات شهية و روابط لمدونات طهاة الطعام و فنانات لف السمبوسة ، نخطط لشكل السفرة و أوانيها و أطباقها و قد نرتب جدولا غذائيا لثلاثين يوما حافلا بما لذ وطاب فنحن مقدمون على شهر (الإفطار) فنشغل نهاره بحشد المواد الغذائية على حدود مطابخنا و ثلاجاتنا و نحيي ليله في تخزين أسلحة الدمار الشامل و حشو أجسادنا بالحلويات و المعجنات ، هذا التخطيط الذي نحسنه كأفراد تخطيط يشبه انقلاب السلحفاة و سيرها في الاتجاه الخاطئ فبدل أن نودع رمضان و قد غفرت ذنوبنا نودعه و قد زادت أوزاننا و ثقلت أبداننا و قل نشاطنا لنستقبل العيد بتخمة و نستقبل الدوام الرسمي بضيق و ثقل . [email protected]